Majmuc
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
Genre-genre
فإن قال قائل: فكيف جاز قولك: يعلم أن يعلم، وبطل (1) قولي يقدر أن يقدر؟!
قيل له ولا قوة إلا بالله: للعلة التي قد ذكرنا، وذلك أن الله عز وجل يعلم أنه عالم بكل معلوم، كما هو قادر على كل مقدور، ويستحيل قولك: يقدر أن يقدر، لأن القدرة إنما تكون على الأفعال، وليس لله قدرة أخرى، فيما يعلم كل ذي عقل وحجى، إلا أن تريد بقولك: يقدر أن يقدر، تريد: أن (2) يفعل المفعولات، فنقول: قد أصبت فيما اقتصرت عليه، ولم تخط فيما نسبت من لفظك إليه.
مسألة
فإن سأل فقال: هل يريد أن يريد؟
قل له ولا قوة إلا بالله: اعلم أن الإرادة قد اختلف فيها على وجهين:
إرادة ضمير.
وإرادة فعل.
فأما الضمير فينفى عن الله سبحانه لما قدمنا في ذلك من البيان، وأوضحنا بمن الله من البرهان.
وأما الفعل فهو أولى ما وصف به الرحمن، وأيما قصدت فلن يخلو من أحد ثلاثة أوجه:
إما أن تكون تريد هل يضمر (3) أن يفعل، أو هل يضمر أن يضمر غير ما أضمر.
أو تكون أردت تكرير القول فقط، لا غير الفعل الذي هو إرادة الله عز وجل.
فإن كنت أردت أنه يضمر أن يفعل فهذا محال، لا يجوز على الله ذي الجلال، لما قدمنا من نفي الضمير، عن الله الواحد الخبير.
وكذلك إن أرت أنه يضمر أن يضمر غير ما أضمر، فهذا من أكفر الكفر والجحدان، وأحول ما استحال عن الرحمن، لأن من يحب ويهوى، ويخطر على باله الأشياء، لا يوصف بعلم ولا خبرة، ولا تدبير ولا فطرة، لأنه لا يخلو من أحد وجهين:
إما أن يكون على تلك الشهوات مجبولا مصطنعا.
وإما أن يكون عزيزا عن ذلك ممتنعا.
فإن كان غير ممتنع من الخواطر والأحوال، ولا عزيزا عن الزوال والانتقال، فذلك مضطر مفطور لا يمتنع من الحوادث والتدبير، ولا ينفك من صنع العليم القدير، وإن كان عن ذلك عزيزا، وكان من الخواطر ممتنعا حريزا، فقولك هذا كفر بذي الجلال، وجهل بالله الكبير المتعال!!
Halaman 228