Majmuc
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
Genre-genre
مسألة فإن قال بعض الملحدين، أو سأل عن رب العالمين، وقدرته في خلق المخلوقين، فقال (1): هل كان الله يقدر أن يخلق الهواء الذي هو محل الأشياء قبل أن يخلقه؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: اعلم أيها السائل أن الله عز وجل لم يزل قادرا، وإنما تقع القدرة على المقدورات، وليس يقول أحد يعقل إن القدرة تقع على المحالات، وهذه مسألة محال، لا يفهمها أحد من الجهال، وذلك أنك جعلت الوقت قبل الهواء بقولك: يخلقه قبل أن يخلقه، لأنك إذا أردت يخلق الهواء قبل أن يخلقه، لم يخل أن يخلقه قبل أن يخلقه بقليل أو كثير من الأوقات، ومقادير الأزمنة والساعات؟!
ومحال أن يكون الوقت قبل الهواء، لأنهما خلقا معا فكان الوقت هو (2) إقامة الهواء، وجعلت أنت أيها السائل صفة الهواء قبله، ومحال أن تكون الصفة قبل الموصوف. وإذا صح حدث الهواء بدلائل الحركة والسكون اللذين هما الأوقات، وهما حقيقة الأزمنة والساعات، فقد صح حدث العلل والمعلولات، لأن كل علة أو معلول، أو دقيق من الصنع أو جليل، لا يكون إلا جسما أو عرضا، ومتحركا (3) زائلا، أو ساكنا مقيما، مجتمعا أو مفترقا، والعرض لا يوجد إلا في جسم، والجسم محدث، وما لا يوجد إلا بوجود المحدثات فهو محدث مثلها، بل هو أضعف منها، إذ كانت هي توجد بأنفسها، والعرض لا يوجد إلا بوجودها، ولا يثبت إلا بعد عدمها.
Halaman 212