Majmac Fawaid
مجمع الفوائد
Genre-genre
اعلم وفقنا الله تعالى وإياك للصواب أن حديث: ارفعوا أصواتكم بالصلاة إلى آخره. لم يصح من طريق صحيحة بعد البحث والتحقيق، وثبت أن في رواته بعض الغلاة وإن رواه بعض أئمتنا المتأخرين فقد أوضحوا سنده، فالعهدة على المطلع في النظر في الرجال، وقد انكشف أنه غير صحيح بل قد قدح في بعض رواته الإمامية مع أنه منهم فمن رواته البرقي. قال النجاشي: إنه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد على المراسيل، وفي الخلاصة للحلي من الإمامية والنجاشي. قال الغضائري: طعن عليه القميون وليس الطعن عليه إنما الطعن فيمن يروي عنه، فهذا بعض الكلام في بعض رجاله، ولايسع الحال الاستكمال، وقد أوضحت الكلام في ذلك في غير هذا المقام، وما أحقه ألا يصح لمخالفته لما ورد في كتاب الله تعالى صريحا، كقوله تعالى: ((واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول)). وقوله عز وجل: ((ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين)) ومدح نبيئه زكريا بقوله تعالى: ((إذ نادى ربه نداء خفيا)) ولم يشرع رفع الصوت إلا في الأذان والخطب وإمام الصلاة والتلبية في الحج مع أنه قد روي أنه أنكر عليهم زيادة الرفع لما كان المقصود الإعلام مع أن المؤذن والخطيب والإمام يرفع وحده، فأما الرفع من الجماعة على صفة التغريد والإنشاد فلم يشرع قط، ولم يؤثر عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولاعن أحد من أئمة الهدى لا الإمام زيد بن علي ولا القاسم ولاالهادي إلى الحق عليهم السلام ولاغيرهم مع مافي ذلك من شغلة المصلين في المساجد وقطع الأذكار الواردة من التسبيح والتحميد والتكبير وتلاوة سورة الإخلاص وآية الكرسي، ولو تركوا التغريد لأمكنهم الكل وقد يتوهم بعض من لامعرفة له أن المراد ترك الصلوات الخمس بالكلية، ومعاذ الله من ذلك كيف وقد أمر الله جل جلاله في كتابه العزيز بالصلاة والتسليم على نبيئه صلى الله عليه وآله وسلم، وأوجب الصلاة عليه وعلى آله في الصلاة من صلى عليه صلى الله عليه وآله وسلم مرة صلى الله عليه بها عشرا إلى غير ذلك مما لانحيط به كثرة، ونحن نروي الصلوات الخمس المسلسلة بالعد بالسند الصحيح إلى سيد المرسلين عن جبريل الأمين عن رب العالمين، فهي من أفضل الأعمال وأجل القرب إلى ذي الجلال. وفق الله تعالى الجميع لمافيه رضاه وتقواه إنه قريب مجيب، وماتوفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
Halaman 389