حلول النون في القفار أو الضب في البحار. ولما انجابت وعكة السفر، خرج الشيخ في ارتياد الظفر. حتى أتينا المدرسة وهي حافلةٌ بالطلبة، وقد قام في صدرها شيخٌ طويل الأرنبة، عظيم العرتبة. فقال الحمد لله الذي شرف علم الأبدان، حتى قدم على علم الأديان، أما بعد فإن هذا العلم أفضل علوم الدنيا جميعًا، لأنه أشرفها موضوعًا. وهو أدقها نظرًا، وأجلها خطرًا، وأقدمها وضعًا، وأعظمها نفعًا. وأغمضها سريرة، وأوسعها حظيرة. وهو يستطلع الخبايا ويستوضح الخفايا. حتى قيل: إنه وحيٌ قد هبط على الأطباء، كما هبط الوحي على الأنبياء. وصاحب هذه الصناعة، أروج الناس بضاعة. وأربحهم تجارة وأشهاهم زيارة. وأكسبهم أجرةً، وأجرًا وأنفذهم نهيًا وأمرًا. وعليه مدار الأعمال والمهن، وقيام الفروض والسنن، فإن كل ذلك لا يتم إلا بصحة البدن. وطالما كان هذا الفن أعز من