151

Majalah Muqtabas

مجلة المقتبس

Genre-genre

الكتب والجراثيم العاقل يأخذ من كل كلامه أطيبه ومن كل نصيحة أنفعها فلو أراد مثلًا أن يعمل بجميع ما يشير به علماء البكتريولوجيا ويعتقد بفعل الجراثيم اعتقادهم بها لانقطعت يده عن العمل ولسانه عن الأكل وأنفه عن الشم وجسمه عن الحركة ولكن الحكيم يأخذ الكلام ويزنه بميزان الإنصاف ويقلبه على محك البصيرة فلا يقبله أو يقبل منه إلا بعد عرضه على فيصل العقل ومحكم التجارب. ارتأى أحد نطس أطباء الفرنسيين مؤخرًا أن أحسن واقٍ للمرء من الجراثيم أن يطالع من الكتب ما صدر من المطابع حديثًا ويقطع أوراقها بمقطع من العاج إذ قد ثبت بالفحص البكتريولوجي أن في الكتاب الحديث قليلًا من الجراثيم التي لا تضر ولكن في دفات الكتب وتحت مغابن أوراقها التي تتداولها الأيدي كثيرًا كأسفار المكاتب وغرف القراءة ألوفًا من الجراثيم القتالة يتجلى ذلك بالعين المجردة لمن يحدق فيها وفي كل سطح مربع من أمثال هذه الكتب ٤٣ جرثومة فيتكون من كتاب مؤلف من ثلاثمائة إلى أربعمائة صفحة عدد مدهش من الجراثيم. وليست كل هذه الجراثيم مما يضر ويؤذي على رأي علماء البكتريولوجيا بل أن معظمها من النوع الذي يكثر وجوده على سطح جلدنا ورأس أصابعنا وفي غبار الجو. ولكن الخطر كل الخطر آت من أولئك المسلولين أو الناقهين من الحمى الحصبية من ينظرون في تلك الكتب المعدة لقراءة الخاصة والعامة ويودعونها من سموم أمراضهم ما لا يشفى صاحبه. الخطر آت من أولئك المرضى الذين يسعلون ويعطسون ويمرون أصابعهم وهي مبتلة بلعابهم على صفحات تلك الكتب. فإن ما يتركه المسلول أثناء مرضه أو الناقه من الحمى في ثلاثين أو أربعين يومًا من نقاهته أو المصاب بالدفتيريا من الباشلس والجراثيم بين تضاعيف الأوراق لا يقدر مضرته إلا الباحث. وليست الحوادث التي تدل على انتقال الأمراض المعدية بواسطة الكتب والرسائل والأوراق العتيقة بنادرة فقد أورد بعضها الدكتور لوب الفرنسي في تقريره إلى المجمع الطبي الباريسي ومن أعظم ما قصه من هذا القبيل ما شهدته بلدية خاركوف من أعمال روسيا من فتك السل في مستخدميها فتكًا ذريعًا وبعد البحث ظهر لها أن هذا المرض كان يفتك فيمن كان عهد إليهم العمل في سجلات الإدارة خاصة فسلمت أوراق تلك السجلات للبحث البكتريولوجي فثبت بعد الاستقراء أن أحد موظفي تلك الإدارة وكانت مهمته

3 / 24