Majalah Bayan
مجلة البيان
Genre-genre
كريهة فيصبح لذلك من نفسه في سجن وظلمة وفي كرب وغمة فمن له بمنقذ من ذلك الحبس والوحشة وكاشف لذلك الضيق والغصة ومن له بمن ينقل ذهنه إلى عالم مصور من اللذة والنعيم والصفاء والرخاء لا سنة فيه إلا العدل والإنصاف تثاب الفضيلة فيه أحسن الثواب ويحل بالرذيلة أنكل العقاب من للإنسان بذلك إلا القصصي والشاعر ألا ترى الطفل إذا فرغ من آفات النهار ومكارهه زحف في العشاء إلى أمه أو أبيه أو جديه يسألها حكاية أو قصة ثم يراها مهما حقرت مملوءة باللذائذ والرجل يأتيك يستعير منك رواية يقرأها أعني يستعير منك بضع ساعات يتحول أثناءها شاعرًا يصور الأمور والأحوال كما ينبغي أن تكون لا كما هي كائنة أو ما ترى الرعاع والغوغاء يذهبون أفواجًا أفواجًا ليسمعوا من المحدثين أقاصيص عنترة وأبي زيد وكيف يذوبون رقة وصبابة عند أحاديث الحب والغرام وتغرورق عيونهم عند ذكر الأشجان وسماع المراثي وتحمى الدماء في عروقهم عند الحماسيات والمفاخر ألا ترى الموسيقى الذي هو شعر الأفئدة لا يصدح بمكان حتى يعود كعبة القصاد ومنهل الوراد فبربك أيها العود ماذا تقول وبماذا تحدث القلوب حتى تنصاع إليك هذا الانصياع وتسرع نحوك هذا الإسراع وبربك أيها الصوت الرخيم من أين جئت حتى كان لك من اللذة في الروح مالم يك لشيء غيرك فلا شيء في هذه الدنيا كلذتك إنما تلك لذة قدسية تصف لنا نعيم الجنة.
ولقد سمي أدباء العرب أمتع الشر وألذه المرقص وما عدوا في ذلك عين الصواب فإن الشعر الجميل ضرب من النغم لا يكتفي بأرقاص الأعضاء حتى يرقص أجزاء النفس بعد إذ هي جامدة فتنطلق انطلاقًا لا تعود قط بعده إلى حالها الأولى من الجمود وما من إنسان إلا وفي طبعه ميل إلى عالم الجمال واللذة أعني إلى عالم الشعر والقصص وهذا الميل يشتد في ذوي الأمزجة الحارة حتى يكون غليلًا فأما أن يروي من مناهل الرواية والنظم وإلا نزع بصاحبه إلى مواطن الإثم والجريمة أو طوح به في مهواة الجنون وهذه حقيقة لا نعلم كيف يقف أمامها الماديون القائلون بأن الشعر والأقاصيص ومحدثات الخيال آخذة في الاضمحلال مشفية على الانقراض: رأي فائل ومذهب باطل لا نرى في تفنيده أبلغ من الكلمة الآتية لفيكتور هوجو وبها نختم هذا المقال الذي قد تنفي عظاته ما يحدث طوله من الملال.
1 / 8