Majalah Bayan
مجلة البيان
Genre-genre
والخطب والمواعظ وكلام المتصوفة وكل مارقق الكبد واهتاج الفؤاد.
ولقد ذاع في هذه الأيام بين العامة وأشباههم من الخاصة مذهب مأفون أن للعلميات الفضل الأول والمنزلة العظمى وإن الأدبيات قليلة القيمة عديمة الجدوى ذلك أن الأولى مثمرة للمال والثروة مجلبة للسعادة والرفاهية وما الأدبيات إلا ملهاة للعقول ومروحة للنفوس وما الشعر إلا داعية لعب وباعث طرب وإن ليست الفكاهات إلا حامل على السخف ومسقطة للمروءة - وقد فات هؤلاء أن للإنسان شعورًا كما أن له معدة وإن له روحًا كما أن له أنيابًا وأضراسًا وأنه يحتاج إلى غذاء مادي من الحنطة والبقول والحلوى وإن أقدس واجبات الإنسان وأول غرض خلق لأجله هو معرفة الله في مصنوعاته وذلك ما لا يكون حتى يكشف له الشاعر والكاتب عن بدائع هذه المصنوعات ومعجزاتها وإن الإنسان في الأرض كناسك في معبد وراهب في صومعة يقرأ في النجوم إنجيلًا وفي سطور الزهر توراة ويسمع في ترنم النسيم مزامير وفي تغريد الطيور زبورًا وليس الإنسان في هذه الأرض كالحيوان الأعجم لا شأن له إلا الخضم والقضم.
لشد ما أخطأ الناس معنى الحياة فحسبوا الحياة مجرد الوجود وإنما هي لعمري الشعور والفهم والتمييز وإن يجعل الإنسان عقله ميزانًا يزن الخير والشر وإن يشعر نفسه الصدق والكرم والحياء والعفة والإخلاص والتقى واليقين.
ولا ننكر أن في الماديات شيئًا من النعيم وإن الرجل الذي تنتهي آماله في المعدة وتقف مآربه عن الحلق ولا تطمح روحه إلى ماوراء ستار مزركش أو سقف مزخرف ينعم بنوع من اللذة ولكني أحسب الإنسان فوق ذلك: قال أحد المزاح: لا ريب في أن المرتب الضخم لذة كما من اللذة أن يدعم الإنسان عيشه بأساس متين من الذهب ومن اللذة أن يكفي المرء حاجه ويروح بعيشة راضية ونعمة فسيحة ومن اللذة أن يتكئ المرء في كرسي الوظيفة ويقبض ألفا في العام ولا ريب في أن اللحم والفاكهة والسمك تقوي البنية وتبعث في الوجه حمرة العافية ولكني مع ذلك أرى أن النصب في ابتغاء المجد الصحيح أشهى والفقر في طلاب الحق أعذب وأحلى.
ما سرني اللؤم والغضارة في العي - ش بديلا بالمجد والقشف
أجل هناك مطمحًا وراء حشو المعدة وتلبية الشهوة والناس الآن أحوج ما يكونون إلى
1 / 3