يا خاطب الدنيا الدنيئة إنها ... شرك الردى وقرارة الأكدار
دار إذا ما أضحكت في يومها ... أبكت غدًا بعدًا لها من دار
وقد جاء أخبار في الزهد من هذه الدنيا الفائتة، وفضل الفقراء، وما يعطي الله الفقير الصابر.
فائدة: سبب هجرة النبي ﷺ من مكة إلى المدينة ما نقله المفسرون وغيرهم عن ابن عباس (١) وغيره: إذ قريش خافوا لما أسلمت الأنصار أن يعظم أمر رسول الله ﷺ لأنه صار له شيعة وأنصارًا وأصحابًا من غيرهم، بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، وخافوا خروج رسول الله ﷺ إليهم وأن يحاربهم بالصحابة، فاجتمع نفر من كبارهم في دار الندوة وهي دار قصي بن كلاب، وكانت قريش لا تقضي أمرًا إلا فيها، ليتشاورا في أمر رسول الله ﷺ فجاءهم إبليس في صورة شيخ جليل عليه «بت» أي: طيلسان فقالوا: من أنت؟ قال: شيخ من نجد، فلما سمعت باجتماعكم أردت أن أحضركم، ولن تعدموا مني رأيًا ونصحًا فقالوا: ادخل فدخل فقال أبو البحتري: أما أنا فأرى أن تأخذوا محمدًا وتحبسوه في بيت وتشدوا وثاقه، وتسدوا باب البيت غير كوة تلقون إليه طعامه وشرابه، حتى يملك فيه فصرخ الشيخ النجدي وقال: بئس الرأي هذا، والله لأن حبستموه يخرج أمره إلى أصحابه فيوشك أن ينقلبوا عليكم ويقاتلوكم، قالوا: صدق الشيخ النجدي فقال هشام بن عمرو: وأما أنا فأرى أن تحملوه على بعير فتخرجوه من بين أظهركم فلا يضركم ما صنع إذا غاب عنكم واسترحتم، فقال إبليس: ما هذا برأي تعمدون إلى رجل قد أفسد سفهاؤكم فتخرجوه إلى غيركم فيفسدهم،
ألم ترو حلاوة منطقه، وطلاوة لسانه، وأخذه القلوب ما تسمع من حديثه، والله لأن فعلتم ذلك فيذهب ويستميل إلى قلوب قوم، ثم يسير بهم إليكم فيخرجكم من بلادكم، قالوا: صدق الشيخ، فقال