ومحبيها، ولم يرض لعاقل فيها إلا بالتزود منها والتأهب للارتحال عنها.
فائدة: قال ابن الجوزي خلق الله تعالى ستة أشياء وملأها سمًا وجعل ترياقها ستة أشياء:
الأول: خلق الدنيا وجعل المساجد ترياقها. الثاني: خلق الشهور، وجعل ترياقها شهر رمضان. الثالث: خلق الأيام وملأها سمًا، وجعل ترياقها يوم الجمعة. الرابع: خلق المعاصي وملأها سمًا، وجعل ترياقها التوبة. الخامس: خلق الساعات وملأها سمًا، وجعل ترياقها الصلوات الخمس. السادس: خلق الأمراض وملأها سمًا، وجعل ترياقها بسم الله الرحمن الرحيم، فإذا أردت أن تطيب فمك، وتطهر جسمك، وترفع اسمك، وتشفي سقمك فقل بسم الله الرحمن الرحيم.
ولله درًا بقائك:
كلامك والله يا سيدي ... ألذ وأحلى من العافية
وأشهى إلى العين من غمضها ... وأطيب من عيشة راضية
يا هذا: الدنيا دار غرور، ولا يدوم لها سرور، ولا يؤمن فيها محذور، جديدها يبلي، وحبيبها يقلي، الدنيا قدر يغلي، وكنيف يملأ، لا يغرنكم علو الدور والقصور، فإن مآلها إلى الخراب ومآل إلى القبور، لا يغرنكم الثياب الفاخرة، والوجوه النضرة، فإن منقلبها إلى الحافرة، والعظام النخرة، وقد أحسن من قال:
أيا من قد تهاون بالمنايا ... ومن قد غره الأمل الطويل
ألم تر إنما الدنيا غرور ... وأن جميع ما فيها يزول
فلا يغررك من دنياك وعد ... فليس لوعدها أبدًا حصول
وقال القرطبي (١) في التذكرة وذكره ابن أبي الدنيا (٢) قال: حدثنا أبو إسحاق بن الأشعث سمعت فضيل بن عياض يقول: قال ابن عباس: «يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة شمطاء زرقاء أنيابها مكشرة مشوهٌ خلقها، فتشرف على الخلائق، فيقال: هذه فيقولون: نعوذ بالله معرفة هذه، فيقال: الدنيا التي تفاخرتم عليها بها، تقاطعتم الأرحام، ولها تحاسدتم وتباغضتم واغتررتم، ثم تقذف في جهنم فتنادي أي رب أتباعي وأشياعي فيقول الله: ألحقوا بها أتباعها وأشياعها» (٣) .