الثالث: أن «الرحمن» ذو الرحمة الشاملة، الني وسعت الخلق في أرزاقهم وأسباب معايشهم ومصالحهم، عمت الجميع المؤمن والكافر، وأما «الرحيم» فخاص بالمؤمنين، كما قال ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٣] .
وقيل غير ذلك.
قال العلماء: «الرحمن» خاص بالله تعالى، لا يجوز أن يسمى به غيره بخلاف «الرحيم» وأما مسيلمة الكذاب فقد سماه قومه بذلك حيث قالوا.
سموت بالمجد يا ابن الأكرمين أبًا ... وانت غوث الورى لازلت رحمانًا
عنادًا وكفرًا لزعمهم أنه كان نبيًا، فهو استعمال باطل، صدر من الكفار فلا عبرة به.
وقد ذكر العلماء أن التسمية تستحب في مواضع منها:
في ابتداء المصنفات للتأسي والاقتداء بالقرآن والتبرك بها، قال في نزهة المجالس: روي عن النبي ﷺ: «أول ما كتب القلم: بسم الله الرحمن الرحيم، ذا كتبتم فاكتبوها أوله، وهي مفتاح كل كتاب أنزل، ولما نزل بها جبريل ﵇ ها ثلاثًا وقال: هي لك ولأمتك وأمرهم لا يدعوها في شيء من أمورهم، فإني لم أدعها طرفة عين مذ نزلت على أبيك آدم ﵇ وكذلك الملائكة» (١) .
وروي أن النبي ﷺ كان يكتب أولًا «باسمك اللهم» فلما نزلت السورة هود فيها ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ [هود: ٤١] كتب: «بسم الله» فلما نزلت سورة سبحان وفيها: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أو ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾ [الاسراء: ١١٠] كتب: «بسم الله الرحمن» فلما نزلت سورة النمل فيها ﴿إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنِّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠] كتب: «بسم الله الرحمن الرحيم» (٢) .