212

Majlis Sultan Ghuri

مجالس السلطان الغوري: صفحات من تاريخ مصر في القرن العاشر الهجري

Genre-genre

صلى الله عليه وسلم

مفتاح الكعبة وقيس بن مخرمة. وكان مالك بن دينار وراقا، وكان المهلب بن أبي صفرة بستانيا، وكان قتيبة بن مسلم الذي فتح بلاد العجم إلى ما وراء النهر جمالا، وكان سفيان بن عيينة معلما، وكذلك الضحاك بن مزاحم وعطاء بن أبي رباح والكميت الشاعر والحجاج بن يوسف الثقفي وعبد الحميد بن يحيى صاحب الرسائل وأبو عبيد القاسم بن سلام والكسائي، هذه صناعة الأشراف.

سؤال :

قال حضرة مولانا السلطان : من بنى الأهرام، ولأي شيء بني؟

الجواب:

ذكر الشيخ جلال الدين في تاريخ مصر: بنيت الأهرام قبل الطوفان؛ لأنها لو بنيت بعده لكان علمها عند الناس.

قيل: بناه شداد بن عاد. وقال جماعة من أهل التاريخ: الذي بنى الأهرام سوريد بن سلهوق، وكان ملك مصر، وكان قبل الطوفان بثلاثمائة سنة، وكان ذلك أنه رأى في منامه كأن الأرض انقلبت بأهلها، وكأن الناس هاربون على وجوههم، وكأن الكواكب تساقطت ويصدم بعضها بعضا بأصوات هائلة، فأهمه ذلك وكتمه، ثم رأى بعد ذلك كأن الكواكب الثابتة نزلت إلى الأرض في صور طيور بيض، وكأنها تخطف الناس وتلقيهم بين جبلين عظيمين، وكأن الجبلين انطبقا عليهم، وكأن الكواكب النيرة مظلمة، فانتبه مذعورا، فجمع رؤساء الكهنة من جميع أعمال مصر، وكانوا مائة وثلاثين كاهنا، وكبيرهم يقال له: إقليمون. فقص عليهم فأخذوا ارتفاع الكواكب وتأنقوا في استقصاء ذلك، فأخبروا بأمر الطوفان. قال: أويلحق بلادنا؟ قالوا: نعم، ويخربها. فأمر عند ذلك بعمل الأهرام وملأه طلسمات، وعجائب، وأموالا وغير ذلك، وزبر فيها جميع ما قالته الحكماء في جميع العلوم الغامضة كعلم العقاقير ومنافعها ومضارها، وعلم الطلسم والحساب والهندسة والطب، وكل ذلك مفسر لمن يعرف كتابتهم ولغاتهم، وجعل أبوابها تحت الأرض بأربعين ذراعا، وجعل ارتفاع كل منها مائتي ذراع بالذراع الملكي وهي خمسمائة ذراع بذراعنا الآن، وكان ابتداء بنائها في طالع سعيد، فلما فرغ من بناء الأهرامات كساها ديباجا ملونا من فوق إلى أسفل وعمل لها عيدا حضره أهل مملكته كلهم، ثم عمل في الهرم الغربي ثلاثين مخزنا مملوءة بالأموال الجمة والآلات والتماثيل المعمولة من الجواهر النفيسة والسلاح من الحديد الذي لا يصدأ والزجاج الذي ينطوي ولا ينكسر، وأصناف العقاقير المفردة والمركبة، والسموم القاتلة وغير ذلك.

وعمل في الهرم الشرقي أصناف القباب الفلكية والكواكب، وما عمل أجداده من التماثيل والدخن التي يتقرب بها إليها ومصاحفها، وجعل في الهرم الملون أجساد الكهنة في توابيت من صوان أسود مع كل كاهن مصحفه، وفيها عجائب صنعته وعمله وسيرته، وما عمل في وقته وما كان وما يكون من أول الزمان إلى آخره، وجعل لكل هرم خازنا؛ فخازن الهرم الغربي صنم من الحجر الصوان واقف ومعه شبه حربة وعلى رأسه حية مطوقة من قرب منه وثبت إليه من ناحية قصده وطوقت على عنقه وقتلته، ثم تعود إلى مكانها، وجعل خازن الهرم الشرقي صنما من جزع أسود وله عينان مفتوحتان وهو جالس على كرسي ومعه شبه حربة إذا نظر إليه ناظر سمع من جهته صوتا يفزع قلبه ولا يبرح حتى يموت، وجعل خازن الهرم الملون صنما من حجر اليشم من نظر إليه اجتذبه الصنم والتصق به، ولا يفارقه حتى يموت.

وذكر القبط في كتبهم أن عليها - أي الأهرام - كتابة منقوشة تفسيرها بالعربية: أنا سوريد الملك بنيت الأهرام في وقت كذا وكذا، وأتممت بناءها في ست سنين؛ فمن أتى بعدي وزعم أنه مثلي فليهدمها في ستين سنة، وكسوناه حريرا فاكسوه حصرا.

قيل: لما دخل المأمون إلى مصر، قصد فتح الأهرام، فقيل له: إنك لا تقدر على ذلك. قال: لا بد من فتح شيء منها. فاجتهد في ذلك بعد أن جمع فعلاء المدينة ومهندسيهم وحداديهم وجمع أرباب الصنائع اللائقة بذلك في مملكته، وصرف مالا كبيرا بسببه، وأقاموا على ذلك أشهرا؛ ففتح لهم بذلك ثلمة صغيرة، وهي المفتوحة الآن، ووجدوا خلف النقب مطهرة من زبرجد أخضر، وفيها ألف دينار زنة كل دينار أوقية من الذهب الخالص الذي لا يوجد على وجه الأرض منه شيء؛ فلم يعرفوا معناه، فقال المأمون رحمه الله: ارفعوا إلي حساب ما أنفقت في ذلك. فضبطوا ذلك وحسبوه، فإذا هو قدر الذي وجدوه، ووجدوا إذ ذاك في داخله بئرا مربعة في تربيعها أبواب يفتح كل باب منها إلى بيت فيه أموات بأكفانهم ووجدوا في رأس الهرم بيتا فيه حوض من الصخر، وفيه صنم كالآدمي من الدهنج، وفي وسطه إنسان عليه درع من ذهب مرصع بالجواهر، وعلى صدره سيف لا قيمة له، وعند رأسه حجر ياقوت كالبيضة، ضوءه كضوء النهار، وعليه كتابة بقلم الطير لم يعلم أحد في الدنيا ما هو، فلما فتحه المأمون رحمه الله أقام فيه الناس مدة سنين يدخلونه وينزلون فيه من الزلاقة؛ فمنهم من يسلم، ومنهم من يموت.

Halaman tidak diketahui