============================================================
المطلب الثاني/ التأويل عند علماء السلف والخلف تأويل الإمام مالك بن أنس (ت/179ه) صاحب المذهب: أول الإمام مالك بن أنس حديث النزول بنزول الملك بأمر الله تعالى، قال الحافظ ابن عبد البر: "وقد روى محمد بن علي الجبلي وكان من ثقات المسلمين بالقيروان، قال: حدثنا جامع بن سوادة بمصر، قال: حدثنا مطرف، عن مالك بن أنس، أنه سئل عن الحديث: "إن الله يثزل في اللئل إلى سماء الدنيا"، فقال مالك: (يتنزل أمره)"(1).
وقد نقل الحافظ الذهبي هذا التأويل أيضا عن الإمام مالك بإسناد آخر، فقال: "وقال ابن عدي: حدثنا محمد بن هارون بن حسان، حدثنا صالح بن آيوب، حدثنا حبيب بن أبي حبيب، حدثني مالك، قال: "يتنزل ربنا تبارك وتعالى أمره، فأما هو فدائم لا يزول".
قال صالح: فذكرت ذلك ليحيى بن بكير، فقال: حسن والله، ولم أشمعه من مالك"(2).
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: "وقال ابن العربي: "الحكي عن المبتدعة رد هذه الأحاديث، وعن السلف إمرارها، وعن قوم تأويلها وبه أقول؛ فأما قوله: "ينزل" فهو راجع الى أفعاله لا إلى ذاته، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه، والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني، فإن حملته في الحديث على الحسي فتلك صفة الملك المبعوث بذلك، وإن حملته على المعنوى بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة فهي عربية صحيحة". انتهى والحاصل أنه تأوله بوجهين، إما بأن المعنى: ينزل أمره أو الملك بأمره، وإما: بأنه استعاره بمعنى التلطف بالداعين والاجابة لهم ونحوه.
وقد حكى أبو بكر ابن فورك، أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول؛ أي: ينزل ملكا، ويقويه ما رواه النسائي من طريق الأغر، عن أبي هريرة وأبي سعيد، بلفظ: "إن الله يمهل حتى يمضي شطر اللئل ثم يأمر مناديا، يقول: هل من داع (1) ابن عبد البر، التمهيد لما في موطأ الإمام مالك من المعاني والأسانيد (143/7).
(2) الذهبي، سير أعلام التبلاء (105/8).
Halaman 131