============================================================
المبحث الثاني (المحكم والمتشابه في القرآن العظيم وقد وصف الإمام ابن تيمية أهل هذا المسلك بالجهل، فقال: "وأما الصنف الثالث وهم أهل التجهيل: فهم كثير من المنتسبين إلى السنة وأتباع السلف، يقولون: إن الرسول لم يعرف معاني ما أنزل الله إليه من آيات الصفات، ولا جبريل يعرف معاني الآيات، ولا السابقون الأولون عرفوا ذلك"(1).
وقال الشيخ ابن العثيمين: "فتبين أن طريقة التفويض طريق خاطي، لأنه يتضمن ثلاث مفاسد: تكذيب القرآن، وتجهيل الرسول، واستطالة الفلاسفة" (2).
ويرجع السبب الذي جعلهم يشنون هذا الهجوم العنيف على مسلك التفويض (3)، أن أهل هذا المسلك يكفون ألسنتهم عن الخوض في متشابه النصوص الشرعية، ولايثبتون ما يوهم ظاهره التجسيم ولوازمه كما تعتقد المجسمة، وهو ما سمؤه مذهب الاثبات وتفويض الكيفية(4)، وهو المسلك الثاني الذي اختارته المجسمة ونسبوه إلى السلف حيث أثبتوا لله تعالى عن قولهم الجسمية وصفاتها من الجوارح والأعضاء وما شابه، ولكن قيدوا ذلك بتفويض الكيفية وأنها ليست كجوارحنا وأعضائنا!!
المسلك الثاني: إثبات الكيفية وتفويض حقيقتها إلى الله تعالى بنى أهل هذا المسلك وهم المجسمة على إثبات التصوص المتشابهة الموهمة للتجسيم ولوازمه دون تأويل لها يوافق التنزية، وعذها من صفات الله، وإثبات الكيفية (1) ابن تيمية، مجموع الفتاوى (34/5).
(2) ابن العثيمين، شرح العقيدة الواسطية لابن تيمية (ص/97).
(3) وهم محقون بذلك، لأن الله تعالى أنزل القرآن الكريم للتبيين والإيضاح لا للإغماض والإشكال: ولكن ليس لاثبات الكيفية لله تعالى كما اعتقدوا.
(4) الكيفية: هي عبارة عن سمات الحوادث من الهيئات والضور والأحوال. انظر: أبو البقاء الحنفي، الكليات (ص/752).
Halaman 108