(37)مجلس
قال: وقال لي يوما أبو عقيل بن أبي الحسين صاحب الجبل، يعني قرمطي مسور وكان يومئذ بقاعة في البون، وقد دخلت عليه وعنده جماعة من أهل البون وغيرهم، وعلى يمينه رجلان من دعاة القرامطة يقال لأحدهما: العنسي، وللثاني: الكافري، فلما دخلت سلمت عليه وقعدت في جانب من الناس، فإذا به قد التفت إلى الجماعة، فقال لهم: مذهب الزيديه ضعيف.
فقلت: يا أبا عقيل، ليس هو ضعيف، ولكنه قليل الأعوان، فزاد فأعاد قوله مرة ثانية، فأعدت الجواب،فعاد بعد. فقال: مثل قوله الأول. فقلت: يا أبا عقيل، قد بقي ما هو أضعف من مذهب الزيدية. قال: وأي مذهب/55/هو؟ قلت: مذهب من يقول بإمامة إمام يزعم أنه يوحى إليه لم يره وليس يراه إلى يوم القيامة. قال: فلم يقدر أن ينكر الوحي من جهة من كان في مجلسه ذلك من الدعاة.
فقال: يا أبا الحسين، أيهما أعظم منزله، عند الله الأمام أو النحل؟ قال: فقلت: بل الإمام. قال: فقال الله عز وجل: {وأوحى ربك إلى النحل} [النحل: 68].
فقلت: يا أبا عقيل، وحي الله إلى النحل وحي إلهام. فإن كان إمامك في هيئة النحل ليس له ثواب ولا عليه عقاب. فقل ما شئت.
قال: فتحير، وبان للجماعه تحيره.
ثم قال: يا أبا الحسين، أيهما عند الله عز وجل أرفع منزلة الإمام أو الحواريون.
قال: فقلت: بل الإمام. قال: فقال الله عز وجل: {وأوحيت إلى الحواريين} [المائدة: 111].
فقلت: يا أبا عقيل، أوحى إلى الحواريين على لسان عيسى عليه السلام،كما أوحى إلينا على لسان محمد صلى الله عليه، فما في مثل هذا لك من حجة.
قال: فالتفت إلى من كان عن يمينه وهو مغضب.
Halaman 65