Meja Plato: Perbualan Tentang Cinta
مائدة أفلاطون: كلام في الحب
Genre-genre
أما مارك أوريل الذي عاش ومات في القرن الثاني للمسيح، فكان قيصرا حكيما، وقد شبهناه بالقديس لويس والملك أرتور الإنجليزي، وفي التشبيهين مبالغة؛ لأن أرتور كان متدينا جدا، ولويس كان مجاهدا في سبيل دينه، أما مارك أوريل فقد كان حكيما بحق، وقد أنشأه أبوه على الحياة البسيطة، واحتقار زخارف الحياة، وعلمه تحمل الشدائد، واختار له أفضل الأساتذة.
ولما تعين قنصلا فإمبراطورا حارب للدفاع عن مملكته، وكان قائدا قديرا، ومكللا بالفوز، حسن الإدارة في ملكه، واتبع الحكمة في الابتعاد عن أنواع الفساد، ونشر العدل في بقاع الأرض، وسن القوانين لحماية الضعاف، وتخفيف مصائب الأرقاء، وعين ذاته وصيا على الأيتام، ومنع الظلم عن الولايات، ومات على دين أجداده.
وبين يدينا كتابه الموسوم بالكتاب الذهبي، وهو مقسم إلى اثني عشر كتابا، الأول خاص بذاته، وذكر من استفاد منهم، وبقيته تأملات ونصائح وخواطر سانحة في الخير والسعادة والحق وقواعد الحياة، وقد نقلت هذه الكتب إلى عدة لغات، وأفضل ما رأيت عنها ما دونه إرنست رينان في المجلد السابع من تاريخ المسيحية، وهو خاص بعهد مارك أوريل ومبادئه (طبع 1882).
ثم تكلمنا عن مذهب المشككين أو المرتابين
7
وزعيمهم كارنياديس الذي بالغ في التشكيك إلى درجة القول بعدم التأكد من العلم بشيء على الإطلاق، وهذا قول قديم سبقه إليه أرسطفن القوريني أو الرفني الذي قال إن العلم بالحوادث إنما يصلنا عن طريق الإحساس، وهو نتيجة التأثر بالأمور الخارجة عنا، ولما كان الإحساس لا يشبه تلك الأمور الخارجة حتما ، فلا يمكن أن نعلم الأمور الخارجة علم اليقين، وكان همهم محاربة فلسفة اللذائذ الأبيقورية، ويمكن القول بأنهم كانوا فلاسفة وسطا بين الرواقيين والأبيقوريين.
ثم بسطنا الكلام على أبيقور بقدر ما وسعه المجال، وقد اهتم به العرب، فقال القفطي: «إن شيعة أفيقووس ويسمون أصحاب اللذة؛ لأنهم كانوا يرون الغرض المقصود إليه في تعلم الفلسفة اللذة التابعة لمعرفتها.» وهذا خطأ فاضح لا يقترفه إلا جمال الدين. وقال الشهرستاني وهو أقرب إلى الحقيقة إن رأي أبيقورس خالف الأوائل في الأوائل (تورية لطيفة)، فقال: المبادئ اثنان؛ الخلاء والصورة، وأما الخلاء فمكان فارغ، وأما الصورة فهي فوق المكان والخلاء، ومنها أبدعت الموجودات، وكل ما كون منها فإنه ينحل إليها؛ فمنها المبدأ، وإليها المعاد، وربما يقول الكل يفسد، وليس بعد الفراق حساب ولا قضاء، ولا مكافأة وجزاء، بل كلها تضمحل وتدثر (ليس في الأمر «ربما» إنما هذا هو رأي أبيقور بالتأكيد).
والإنسان كالحيوان مرسل مهمل في هذا العالم، والحالات التي ترد على الأنفس في هذا العالم كلها من تلقائها على قدر حركاتها وأفاعيلها، فإن فعلت خيرا وحسنا فيرد عليها سرور وفرح، وإن فعلت شرا وقبيحا فيرد عليها حزن وترح، وإنما سرور كل نفس بالأنفس الأخرى، وكذا حزنها مع الأنفس الأخرى بقدر ما يظهر لها من أفاعيلها (شهرستاني ص297).
ولا حاجة بنا لتلخيص الأفلاطونية المستحدثة لقرب عهد القارئ بها.
وهذا ختام ما أردنا ذكره من فلسفة اليونان، وذكر علمائهم الذين علمونا كيف يفكر الإنسان، ولفتونا إلى أصل العالم، ونبهونا إلى غايتنا من الحياة، وفتحوا لنا نافذة تطل على فضاء الموت، وهذا منتهى الحكمة الإنسانية!
Halaman tidak diketahui