Meja Plato: Perbualan Tentang Cinta
مائدة أفلاطون: كلام في الحب
Genre-genre
ولكن لماذا خلق الله العلم؟ الجواب أن الله خير، والخير لا يبخل بخير ما؛ لذا خلق العالم على أحسن حال؛ ولذا جعله على شكله، وهذا الإله الخالق هو في الوقت نفسه عناية. ثم يقول أفلاطون بمبادئ المستبشرين، وينكر الشر المطلق، والعالم هو أفضل العوالم الممكنة الخلق، ويكفي أن نرد ما يبدو لنا كأنه بغير نظام في مكانه لنفهم سببه وعلته، والذي يعتني بالأشياء كلها قد وضعها بحيث تؤدي إلى خير المجموع وحفظه، وكل جزء لا يلقى ولا يفعل إلا ما يلائمه؛ فأنت أيها الزائل الضئيل مهما كان صغرك فإنك - لا شك - داخل ضمن النظام العام، وتضيف إليه بدون انقطاع؛ فإذا ضجرت فهذا من جهلك أن الخير الخاص بك لا يعود عليك وعلى المجموع حسبما تقتضيه قوانين الوجود العام. (4) الأخلاق السياسية
إن النظريات وتطبيقها مرتبطة ببعضها ارتباطا تاما في نظر أفلاطون؛ فإنكار الحقيقة هو إنكار الخير، فإذا لم يكن سوى الظواهر والخوارق فليس هناك إذا إلا شعور حسي، فيكون السرور نهاية الإنسان. وقد واصل أفلاطون تفنيد آراء السفسطائيين الذي بدأ به سقراط، وهو يمهد السبيل لتعليمه في الأخلاق والمعرفة والوجود بنقض الأغلاط التي شوشت العقل، وكان تراسيماك وكاليكليس من تلاميذ السفسطائيين يقولون بأنه لا توجد قوانين طبيعية، وإنما توجد نظامات اجتماعية، وأن الرجل الماهر القوي يمكنه أن يتحرر من سائر القيود، وينطلق في طريق شهواته؛ فحاربهم أفلاطون، وقال بوجود قانون للأخلاق غير معتمد على رغبات المقننين، ويمكن للعقل أن يكتشفه بالتعمق، وينبغي أن تتجه أنظارنا نحو فكرة الخير، وأن نوفق بين الخير وبين أعمالنا؛ لأن فكرة الخير هي الله ذاته، وفضيلة الإنسان هي في كونه يشبه الله، ومشابهة الله تكون بإدخال الانسجام في سائر عناصر الطبيعة الإنسانية، وبهذا يحدث تقليد النظام المعقول الذي يكشفه لنا علم الكلام؛ فينبغي إذا أن نعرف الإنسان لنعرف كيف ينبغي أن يكون.
النفس مكونة من ثلاثة أجزاء؛ الشهوة، وهي تشمل سائر الرغبات، وسائر الانفعالات الدنيئة، ثم شهوة الغضب التي تؤدي إلى الشجاعة، وهي قاعدة بين الحس والفكر، ثم العقل. ولكل جزء من النفس جزء في الجسم يقابله؛ فالشهوة مكانها في أسفل البطن، والشجاعة في الصدر، والعقل في الرأس. ويشبه أفلاطون النفس بعجلة يسحبها جوادان؛ الواحد أسود جموح مستعد على الدوام للثورة، والثاني أبيض كريم يهدي رفيقه إذا حسنت قيادته، ولكنه يجمح معه إذا لم تحسن قيادته يد قوية يقظة؛ فالجواد الأسود العاصي هو الشهوة، والأبيض الكريم هو الشجاعة، والقائد هو العقل، فينبغي للعقل أن ينتفع بالشجاعة، ويستعين بها على الشهوة. يقول أفلاطون: إن لكل جزء من النفس فضيلة تقابله؛ فالفضيلة المقابلة للشهوة هي الاعتدال، ووظيفتها هي رد الشهوات إلى حد الاعتدال، والفرار من الإفراط، وتجهيز النفس بفصلها من الجسم لفهم الحق. وفضيلة شهوة الغضب هي الشجاعة، ووظيفتها التمييز بين ما يخشى وما لا يخشى، وهي تولد عند تحويل شهوتها، وهي خادمة العقل ضد الانفعالات التي تقلق الذكاء. والاعتدال والشجاعة هما شرطا الحكمة، والحكمة هي فضيلة العقل، ولأجل الارتفاع لدرجة الحقيقة ينبغي الخلاص من أوهام احترام الذات، ومن العواطف غير المنظمة التي يولدها فساد الجسم. والعدل هو الفضيلة التي تولد من امتلاك الفضائل الأخرى؛ فهو الانسجام الداخلي واتفاق النفس وذاتها؛ أي عندما يقوم كل جزء من النفس بوظيفته؛ فتطيع الشهوات الشجاعة، وتطيع الشجاعة العقل ، حينئذ يولد العدل.
وكثيرا ما يدخلون إلى فكرة الفضيلة عنصرين آخرين هما: الحرية والعادة؛ فالحرية تبتكر الفضيلة؛ أي تبدأ بممارستها، والعادة تمكننا من الفضيلة. وأفلاطون يحتقر الفضيلة التي لا ترتكز إلا على العادة؛ لأنها غير محققة كالظن، وهي توافق النمل أو النحل، ولا تلائم الإنسان. والفضيلة غير تابعة لحريتنا، إنما هي علم، ومن يعرف الخير يفعله؛ فكون الإنسان فاضلا يرجع إلى امتلاك علم الخير. ويعترف أفلاطون بأنه يمكن للإنسان أن يكون رأيا دقيقا عما ينبغي فعله، ومع ذلك لا يفعله؛ ولذا يوجد الخلاف بين النظرية والعمل، وإذا فسد العمل فلا بد من كون النظرية فاسدة. وكل من يفهم الخير حق الفهم فهو لا شك خير. إن أشقى الناس حظا، وأجدرهم بالإشفاق هو الظالم الذي يتمتع بدون عقاب بثمار جرائمه. المريض لا يرفض الألم الذي يشفيه، بل يلتمسه، ويطلب النار والحديد، والظلم أشد الآلام، ولا يشفي النفس منه إلا العقاب؛ فلا ينبغي للظالم أن يستر داءه، كل ينبغي له أن يقدم نفسه للقاضي كما يقدم المريض ذاته للطبيب. إن التكفير عن السيئات باحتمال العقاب هو أفضل الأشياء بعد براءة الذيل؛ أي إن أفضل الناس بعد البريء يكون الجاني الذي احتمل العقاب.
وهذا يدل على اعتقاد أفلاطون بحياة مستقبلة، وقد ذكر في فيدون سائر الأدلة التي استعملها من جاءوا بعده في إثبات خلود النفس؛ فقال: إن الموت هو انحلال العناصر المكونة للبدن، وإن النفس لا تنحل؛ لأنها نقية بسيطة، ولو قالوا إن النفس ليست سوى انسجام البدن، يقول: إننا ما رأينا الانسجام يجاهد ضد الأداة التي أخرجته، على أننا كثيرا ما رأينا النفس تجاهد ضد البدن لتخلص من كثير من شهواته.
ثم إن غاية العقل البشري هي المعقولات والخالدات؛ فلها إذا ميل، وارتباط بالله. والنفس تشبه ما هو مقدس وخالد ومعقول وبسيط ومتحد بذاته؛ فإذا كانت هكذا وطبيعتها كما ذكرت، فإذا خرجت من البدن بدون أن تسحب معها منه شيئا تحولت نحو ما لا علاقة له بالمادة مثلها، فإذا بلغت هذه الغاية ملكت السعادة الحقيقية. وأخيرا ينبغي مكافأة الأخيار، ومعاقبة الأشرار. ولا يمكن فصل الأخلاق عن السياسة؛ فواجب الحكومة تكوين وطنيين فضلاء؛ إن الحكومة لم توجد لأجل الفرد، والفرد ليس إلا عنصرا من عناصر الحكومة، فينبغي أن يخضع لها. وفي المدينة كما في الكون يسود قانون واحد، وهو بذل الفرد في سبيل المجموع، والجمهورية الكمالية هي شخص شركي، ووحدة حية، أعضاؤها الأفراد. ويوجد للحكومة نظام أخلاقي، وحال نفسية كما للأفراد، ولا يخالفانهما. وكما أن للنفس ثلاثة أجزاء كذلك في المدينة ثلاثة أصناف من الناس؛ الأول صنف العمال الذين يشتغلون ليشبعوا الشهوات، ثم فريق المحاربين، وعملهم حماية المدينة من الخارج والداخل، ثم فريق الحكماء، وهم أصحاب حق الحكومة. وهذه الأصناف تشبه الشهوات والإرادة والعقل، ولكل صنف من أهل البلد فضيلة؛ فللعمال فضيلة الاعتدال التي تبقيهم في حالهم، فلا يحاولون الخروج منها، وللمحاربين فضيلة الشجاعة، وللقضاة فضيلة الحكمة، وإذا أطاع كل فريق الفريق الذي هو أعلى منه، والمعترف له بالسيادة ينتج الانسجام، والانسجام يخرج فضيلة العدل. ولأجل أن يأتي أفلاطون على عواطف حب الذات ليجعل المدينة كائنا واحدا ضحى أفلاطون بكل ما يقوي في الفرد عاطفة الفردية، ويعطيه حياة مستقلة داخل حياة الحكومة.
وأراضي الجمهورية ملك مشاع لسائر السكان، وليس هناك حق الملك ولا الأسرة، والأملاك والنساء شائعة؛ والأطفال هم أبناء المدينة، وينشئون معا، وحيث أن لا أسرة تصير الجمهورية أسرة كبرى، ولكل وطني حق الأبوة على سائر الأطفال عندما يبلغون سنا معلوما؛ هذا ما شرحه أفلاطون في جمهوريته، ولكنه في القوانين خفف وطأة تلك الآراء، ورضي بعدم إشاعة النساء والملك، وقبل وضع قوانين مكتوبة، ولكن الحكومة تحتفظ بسائر قواها، ولها حق ضمان طاعة القوانين الأدبية، وسيادة الفضيلة، واستعمال القوة في ذلك إن فشلت في استعمال الترغيب باللين؛ وليس للفرد حق سوى القيام بواجباته، واستعمال فضيلته في تقوية المدينة التي هو أحد عناصرها، وأداة من أدوات وجودها، وقد ينشأ عن خلط الآداب بالسياسة نوع من الظلم الفلسفي، وهو استبداد يبذل الخير الحقيقي الحر في سبيل خير ظاهر. •••
ويرى مما تقدم أن أفلاطون كان شريف النسب من وجهتين؛ فكان حفيد ملك ومشترع، ولولا بغضه للديموقراطية ولولا التقاؤه بسقراط لكان من رجال السياسة أمثال بيركليس. وإن عنده تنتهي الحكمة المحكية، وتبدأ الحكمة المكتوبة؛ فإنه رأى شيخه سقراط يستهين بالكتب، ولكنه لم يستهن بها، ودون خمسا وثلاثين محاورة ضمنها خلاصة آرائه، وآراء شيخه، وله الفضل الأعظم في تعليم أرسطو وتهذيبه، وإرشاد خطواته الأولى في الفلسفة، وقد تعاشرا عشرين عاما على ما كان بينهما من التباين العظيم في الفكر والخطط، ولكن أدب الحكمة وكرامة النسب كفتهما الشقاق، وعندنا أن فلسفة أفلاطون المدنية والأدبية مستمدة مما استفاده من مصر؛ فقد رأى فيها نظاما ثابتا منذ عشرة آلاف سنة بفضل تقسيم الأمة إلى طبقات معينة، واستئثار الطبقات العالية بالملك، وتذليل الطبقات النازلة للخدمة والصناعات؛ كذلك ساح في إيطاليا، وتأثر بآراء أتباع فيثاغورس وبارمنيد وإمبيدوكل، ولكنه لم يخضع لأحد منهم؛ لأن أثر سقراط كان في نفسه أقوى، ولما ألقى عصى التسيار، وعاد إلى وطنه، وشرع في التعليم أخذ يطبق الهندسة على السياسة، وفي هذا أثر من فيثاغورس. وكان أفلاطون أول الفلاسفة النفعيين، وقال بأن اللذة والألم هما اللذان يحركان الإنسان في كل سبيل، وهو موجد التصوف في أوروبا بكتاباته، وكان يعتقد أن حب الفلسفة كحب النساء قوة، وقال بالبعث بعد الموت والثواب والعقاب؛ ولا شك عندنا في أن هذه الآراء استأذنت عليه من سياحته في مصر. أما نظامه المدني في الجمهورية فمستمد من حياة مصر وأسبرطة، ومن آراء أناكساجور، وله كلمة عالية وهي قوله: لن تصلح الدنيا حتى تصير ملوكها فلاسفة أو فلاسفتها ملوكا، وقد تحققت رغبته فصار إسكندر تلميذ تلميذه ملكا فيلسوفا، ولكن الدنيا لم تصلح. وجاء بعده الرواقي ماركوس أوريليوس الروماني، ولكن الدنيا لم تصلح، وجاء المأمون العباسي، ولكن الدنيا لم تصلح! لأتباع أفلاطون الحق أن يردوا علينا بأن هؤلاء ملوك صاروا فلاسفة، ولم يصلحوا ولا يظهر فساد رأي أفلاطون إلا إذا رأينا فلاسفة تولوا الملك، ولم يصلحوا، وهيهات أن يتحقق هذا الحلم!
وكان ينتقد نظام الحكومة في أثينا، ويطعن في الديموقراطية، ويأمر بعقاب الملحدين، ويأمر بالاعتقاد بوجود الله، وكان قليل الثقة بالكتب، وفي أواخر أيامه عدل نظريته في المثل الأعلى تحت تأثير تلميذه أرسطو، ولو أن أفلاطون استطاع عقاب الملحدين بقانون نظامي لكان أول ضحايا هذا القانون تلميذه الأعظم أرسطوطاليس. (5) ما كتبه العرب عن أفلاطون
هو ابن أرسطون أحد أساطين الحكمة الخمسة من يونان، كبير القدر فيهم، مقبول القول، بليغ في مقاصده، أخذ عن فيثاغورس
Halaman tidak diketahui