المدينة:
المدينة المنورة التي آوت الدعوة الإسلامية ناشئة، وربت أولى الجماعات على هدي الإسلام وفضائله، واتخذها الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - دار هجرته، وأقام به حتى لحق بالرفيق الأعلى، وبها مزاره الكريم، إليه تهوي أفئدة المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها، ومنه يقتبسون كل ذكرى عظيمة، ويذكرون كل سنة كريمة. هذه المدينة لا تحتاج إلى التعريف في هذا القول المجمل.
فإنما أذكر كلمة تعرف بعض التعريف بمكانها وطبيعتها: هي على الخط الخامس والعشرين من العرض الشمالي، والخط الأربعين من الطول الشرقي، وعلى ثلاثمائة ميل من مكة، ومائة وثلاثين ميلا من ينبع.
وهي في سهل ينحدر الهوينى نحو الشمال، يحده من جهة الشمال جبل أحد، ومن الجنوب الشرقي جبل عير، وهو على أربعة أكيال منها، ويحده في الشرق والغرب الحرتان الشرقية والغربية، والشرقية أبعد عن المدينة، بينهما سهل فسيح خصب، وتسمى حرة واقم، وعندها كانت وقعة الحرة المعروفة في عهد يزيد بن معاوية سنة 63ه؛ وقال عبد الله بن قيس الرقيات:
تذكرني قتلى بحرة واقم
أصبن وأرحاما قطعن شوابكا
ويمتد سهل المدينة شطر الجنوب على مدى البصر.
والحرة تسمى اللابة أيضا؛ ومن أجل هذا يقال: ما بين اللابتين، أو ما بين لابتيها، أي: المدينة كلها. وقد جاء في الحديث: «والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي يا رسول الله»، وأن رسول الله حرم ما بين لابتيها، أي: جعل المدينة حرما.
وشمالي المدينة جبل صغير يسمى سلعا، وعلى ثلاثة أميال منهما شطر الشمال جبل أحد، وعنده كانت الوقعة المعروفة في العام الثالث من الهجرة، وقد جاء في الأثر: «أحد جبل يحبنا ونحبه، وهو على باب من أبواب الجنة.»
وقد ذكره الشعراء في حنينهم إلى المدينة؛ قال محمد بن عبد الملك الفقعسي وهو في بغداد:
Halaman tidak diketahui