Mahasin Tawil
محاسن التأويل
Genre-genre
كما رواه الترمذي عن ابن مسعود بإسناد صحيح وكلاهما صحيح متواتر في السبع.
و ( الدين ) الحساب والمجازاة بالأعمال. ومنه : «كما تدين تدان» أي : مالك أمور العالمين كلها في يوم الدين. وتخصيصه بالإضافة إما لتعظيمه وتهويله ، أو لبيان تفرده تعالى بإجراء الأمر وفصل القضاء فيه.
** القول في تأويل قوله تعالى :
* (إياك نعبد وإياك نستعين) (5)
قال الطبري : أي لك ، اللهم ، نخشع ونذل ونستكين. إقرارا لك بالربوبية لا لغيرك قال والعبودية عند جميع العرب أصلها الذلة ، وأنها تسمي الطريق المذلل الذي قد وطئته الأقدام ، وذللته السابلة «معبدا» ومنه قيل للبعير المذلل بالركوب في الحوائج «معبد» ومنه سمي العبد «عبدا» لذلته لمولاه انتهى.
وفيه إعلام بما صدع به الإسلام من تحرير الأنفس لله تعالى وتخليصها لعبادته وحده. أعني : أن لا يشرك شيئا ما معه ، لا في محبته كمحبته ، ولا في خوفه ، ولا في رجائه ، ولا في التوكل عليه ، ولا في العمل له ، ولا في النذر له ، ولا في الخضوع له ، ولا في التذلل والتعظيم والسجود والتقرب ، فإن كل ذلك إنما يستحقه فاطر الأرض والسموات وحده. وذلك أن لفظ العبادة يتضمن كمال الذل بكمال الحب. فلا بد أن يكون العابد محبا للإله المعبود كمال الحب ، ولا بد أن يكون ذليلا له كمال الذل ، وهما لا يصلحان إلا لله وحده. فهو الإله المستحق للعبادة ، الذي لا يستحقها إلا هو ، وهي كمال الحب والذل والإجلال والتوكل والدعاء بما لا يقدر عليه إلا هو ، تعالى. وقد أشار لذلك تقديم المفعول ، فإن فيه تنبيها على ما يجب للعبد من تخصيصه ربه بالعبادة ، وإسلامه وجهه لله وحده ، لا كما كان عليه المشركون الذين ظهر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ، فقد كانوا متفرقين في عبادتهم ، متشاكسين في وجهتهم : منهم من يعبد الشمس والقمر ، ومنهم من يعبد الملائكة ، ومنهم من يعبد الأصنام ، ومنهم من يعبد الأحبار والرهبان ، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار ... إلى غير ذلك ، كما بينه القرآن الكريم في قوله تعالى : ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر ) [فصلت : 37] الآية. وفي قوله تعالى : ( ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا
Halaman 228