وجاء القرن العشرون فتزايد عدد اليوتوبيات واليوتوبيات المضادة زيادة هائلة تحت تأثير حرية الصحافة، ونمو التواصل بين البشر، واستفحال الأزمات الاقتصادية، وانخراط المثقفين في العمل السياسي والاجتماعي، واحتدام ظواهر الاغتراب وخيبة الأمل بينهم في الأيدولوجيات والثورات السياسية والاجتماعية التي فشلت في تحقيق التغيير إلى الأفضل. وبقيت الكتابة اليوتوبية مطلبا ملحا على كل أديب حساس لأزمات عصره وهمومه، وتعبيرا عن نزعة مثالية واشتراكية كامنة في كيان الإنسان نفسه وأمله العنيد في النظام الأمثل والأعدل، واشمئزازه من النقص والظلم والفوضى والاستبداد والإرهاب والادعاء والكذب والنفاق وسائر الشرور التي خرجت من صندوق القرن العشرين أو تسلطت داخل الجدران والأسوار وحالات الحصار التي طوقت الإنسان المعاصر فخنقت حرياته وحقوقه الأساسية التي لا يستقيم له وجود بغيرها، ولا يهدأ له بال حتى يحاول هدمها بالخيال والفانتازيا والفكر المسرف في التمني، النفس عن واقعها وعالمها التعس الذي لا تستطيع أن تأبق منه أو تهرب كما يقول أبو العلاء، ونكتفي في هذا المجال المحدود بذكر أهم اليوتوبيات التي تصورت أن التقدم العلمي هو نوع من اليوتوبيا، مثل يوتوبيا حديثة 1905م للكاتب الإنجليزي ه. ج. ويلز، ووالدين 1974م لعالم النفس السلوكي الأمريكي بوروس فردريك سكنير. والغريب حقا أن التقدم العلمي نفسه قد تجاوزها بمراحل! وربما كانت اليوتوبيات المضادة - كما سبق القول - أروع وأكثر تأثيرا من الناحيتين الأدبية والإنسانية؛ إذ عبرت عن شكوك نفر من أفضل كتاب العصر في إمكان أي إصلاح حقيقي عن طريق الأنظمة الشمولية الإرهابية كما في رواية 1948 لجورج أورويل. وعن تشاؤمهم من اليوتوبيا العلمية والتقنية التي تتحول إلى كابوس مرعب يكتم أنفاس القلب ويخنق نبضاته الأزلية للحب والرحمة والشعر والجمال والحياة، كما في العالم الطريف الشجاع لالدوس هكسلي، بجانب عدد آخر من هذه الرؤى القاتمة لأدباء مثل إ. م. فورستر، وإيفيلين وو، ويفجيني زامياتين وغيرهم ممن سجلوا فزعهم من كل المدن المسرفة في التنظيم التقني والعقلانية الأداتية كما يسميها فلاسفة مدرسة فرانكفورت.
ولم يخل أدبنا العربي المعاصر من بعض اليوتوبيات التي اقتربت من الأزمات والإشكالات السابقة وتفاوتت في أصالتها أو في تأثرها باليوتوبيات الغربية وفي تعبيرها عن أحلام العربي وهمومه، كبعض قصص توفيق الحكيم ومسرحياته (العالم سنة 2000م ورحلة إلى الغد) وجمهورية فرحات ليوسف إدريس، ورحلة ابن فطومة لنجيب محفوظ، وكهف الأخيار لشكري محمد عياد، والسيد من حقل السبانخ لصبري موسى، وغير ذلك من الأعمال التي لم تبلغ إلى علمي وربما تضمنت عناصر يوتوبية (راجع مادة يوتوبيا في قاموس الأفكار الأساسية تحرير فيليب فينر. نيويورك 1937م والمدينة الفاضلة عبر التاريخ لماريا لوزيري برنيري وترجمة الدكتورة عطيات أبو السعود ومراجعة كاتب السطور، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، العدد (225) سبتمبر 1997م، ومبدأ الأمل لإرنست بلوخ 1959م في طبعات مختلفة والإيطوبيا والإيطوبيات الكلمة والأصناف والدلالات لعبد العزيز لبيب، مجلة فصول، القاهرة، المجلد السابع، أبريل، سبتمبر 1978م وأرض الأحلام لزكي نجيب محمود، كتاب الهلال، مايو 1977م، القاهرة في ديسمبر 1991م، عبد الغفار مكاوي).
أوبرا ماهاجوني
الشخصيات
باول.
هينريش.
ياكوب.
يوزيف (حطاب).
ليوكاديا بيجبيك.
موسى ذو الأقانيم الثلاثة.
Halaman tidak diketahui