============================================================
تفير سورة البقرة129 وما اشتمل عليه من الغبوب عرف أنه كتاب من عند الله باليقين؛ فلايرتاب فيه؛ وقال المبرد: لاريب فيه أنه هدي للمتقين أو أنه ذلك الكتاب الموعود: وقيل: إن المعنى: ذلك الكتاب بلاريب، نم يبتدى: (فيه هذى لأمتقين) فيكون الوقف على ريب: وقال اخرون: ولارتب فيه) ظاهره نفي ومعناه نهي: أي لاترتابوا فيه، كقوله تعانى: (قلارفت ولافسوق) أي لاترفتوا ولاتفسقوا: وهذا قول عطاء الخراساني؛ وقال الخليل: (لاريب فيهو) أي لا ينبغي لأحد أن يرتاب فيه. فإن قيل: إن قوما قد ارتابوا فيه، والريب لايكون إلا ففيفقظب المرتاب، أما الكتاب فليس محلا للريب. قيل: معناه إنه حق وصدق في نفسه لاريب فيه، وإن ارتاب فيه المرتابون، كما قال الشاعر: ليس في الحق يا أمامة ريب إنماالريبماا يقول الكذوت1 الاسرار وإن كان الريب في قلب المرتاب أبدأ، إلا أن محل الريب غير وموضع الريب غير. فقد يكون الريب في الخبر أو في المخبر عنه على أنه موضعه، وهو في قلب المرتاب على أنه محله.
ثم وجه النظم بين الكلمات من حيث المعنى أن "ألم" إشارة إلى أمر مجمل مبهم عند المستمعين عموما، وهى إشارة إلى امر مفصل محكم عند المستمع الخاص خصوصا: فحسن الاشارة إليه بقوله "ذلك" مفرونا به كآنه يشير إلى غائب. ثم هاهنا خصوص وعموما في نفي الريب وإثبات الهداية. فكما أن الكتاب هدى -51 ب للناس عموما وإن ضل فيه الضالون، وهذى للمتقين خصوصا، كذلك لاريب فيه خصوصا، وإن ارتاب فيه المرتابون.
لكنا ننظر إلى وضعه كيف أنزل ولماذا أنزل، فأنزل على هيئة لاينكره المنكرون، لايرتاب فيه المرتابون، إلا على عناد وجدال ومراء: وأنزل لأجل الهداية لا لأجل الضلالة وإن ضل فيه الضالون. قال تعالى: (يضل به كثيرا ويفدي به كثيرا ومايضل به إلا القاسقين ) فالاضلال والهدابة به، لكن الهداية أولى به، كما أن الخبر والشر بقضاء الله 1. في الأصل "فيما".
ليتهنل
Halaman 195