Mafâtîh al-Ghayb
مفاتيح الغيب
Penerbit
دار إحياء التراث العربي
Edisi
الثالثة
Tahun Penerbitan
١٤٢٠ هـ
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
Tafsiran
لِلرُّوحِ الْمَلَكِيَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الْفَلَكِيَّةِ الْقُدْسِيَّةِ فَخَضَعَ وَأَطَاعَ كَمَا قَالَ: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرَّعْدِ: ٢٨] وتجلى النفس الشَّيْطَانِيَّةِ بِالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ- وَهُوَ اسْمُ الرَّبِّ- فَتَرَكَ الْعِصْيَانَ وَانْقَادَ لِطَاعَةِ الدَّيَّانِ، وَتَجَلَّى لِلنَّفْسِ الْغَضَبِيَّةِ السَّبُعِيَّةِ بِاسْمِ الرَّحْمَنِ وَهَذَا الِاسْمُ مُرَكَّبٌ مِنَ الْقَهْرِ وَاللُّطْفِ كَمَا قَالَ: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ [الْفُرْقَانِ: ٢٦] فَتَرَكَ الْخُصُومَةَ وَتَجَلَّى لِلنَّفْسِ الشَّهْوَانِيَّةِ الْبَهِيمِيَّةِ بِاسْمِ الرَّحِيمِ وَهُوَ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْمُبَاحَاتِ وَالطِّيبَاتِ كَمَا قَالَ: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ [الْمَائِدَةِ: ٥] فَلَانَ وَتَرَكَ الْعِصْيَانَ، وَتَجَلَّى لِلْأَجْسَادِ وَالْأَبْدَانِ بِقَهْرِ قَوْلِهِ:
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فَإِنَّ الْبَدَنَ غَلِيظٌ كَثِيفٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَهْرٍ شَدِيدٍ، وَهُوَ الْقَهْرُ الْحَاصِلُ مِنْ خَوْفِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلَمَّا تَجَلَّى الْحَقُّ سُبْحَانَهُ بِأَسْمَائِهِ الْخَمْسَةِ لِهَذِهِ الْمَرَاتِبِ انْغَلَقَتْ أَبْوَابُ النِّيرَانِ، وَانْفَتَحَتْ أَبْوَابُ الْجِنَانِ. ثُمَّ هَذِهِ الْمَرَاتِبُ ابْتَدَأَتْ بِالرُّجُوعِ كَمَا جَاءَتْ فَأَطَاعَتِ الْأَبْدَانُ وَقَالَتْ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَأَطَاعَتِ النُّفُوسُ الشَّهْوَانِيَّةُ فَقَالَتْ:
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ عَلَى تَرْكِ اللَّذَّاتِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَأَطَاعَتِ النُّفُوسُ الْغَضَبِيَّةِ فَقَالَتْ: اهْدِنَا وَأَرْشِدْنَا وَعَلَى دِينِكَ فَثَبِّتْنَا، وَأَطَاعَتِ النَّفْسُ الشَّيْطَانِيَّةُ وَطَلَبَتْ مِنَ اللَّهِ الِاسْتِقَامَةَ وَالصَّوْنَ عَنِ الِانْحِرَافِ فَقَالَتْ:
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ وَتَوَاضَعَتِ الْأَرْوَاحُ الْقُدْسِيَّةُ الْمَلَكِيَّةُ فَطَلَبَتْ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُوصِلَهَا بِالْأَرْوَاحِ الْقُدْسِيَّةِ الْعَالِيَةِ الْمُطَهَّرَةِ الْمُعَظَّمَةِ فَقَالَتْ: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ. النُّكْتَةُ الثَّالِثَةُ:
قَالَ ﵇ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ،
فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَاصِلَةٌ مِنْ تَجَلِّي نُورِ اسْمِ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةُ مِنْ تجلي اسم الرَّبِّ، لِأَنَّ الرَّبَّ مُشْتَقٌ مِنَ التَّرْبِيَةِ وَالْعَبْدُ يُرَبِّي إِيمَانَهُ بِمَدَدِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ مِنْ تَجَلِّي اسْمِ الرَّحْمَنِ، لِأَنَّ الرَّحْمَنَ مُبَالَغَةٌ فِي الرَّحْمَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ لِأَجْلِ الرَّحْمَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَوُجُوبُ صَوْمِ رَمَضَانَ مِنْ تَجَلِّي اسْمِ الرَّحِيمِ، لِأَنَّ الصَّائِمَ إِذَا جَاعَ تَذَكَّرَ جَوْعَ الْفُقَرَاءِ فَيُعْطِيهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وَأَيْضًا إِذَا جَاعَ حَصَلَ لَهُ فِطَامٌ عَنِ الِالْتِذَاذِ بِالْمَحْسُوسَاتِ فَعِنْدَ الْمَوْتِ يَسْهُلُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهَا، وَوُجُوبُ الْحَجِّ مِنْ تَجَلِّي اسْمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لِأَنَّ عِنْدَ الْحَجِّ يَجِبُ هِجْرَةُ الْوَطَنِ وَمُفَارَقَةُ الْأَهْلِ وَالْوَلَدُ، وَذَلِكَ يُشْبِهُ سَفَرَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَيْضًا الْحَاجُّ يَصِيرُ حَافِيًا حَاسِرًا عَارِيًا وَهُوَ يُشْبِهُ حَالَ أَهْلِ الْقِيَامَةِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالنِّسْبَةُ بَيْنَ الْحَجِّ وَبَيْنَ أَحْوَالِ الْقِيَامَةِ، كَثِيرَةٌ جِدًّا. النُّكْتَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْوَاعُ الْقِبْلَةِ خَمْسَةٌ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وَالْكَعْبَةُ، وَالْبَيْتُ الْمَعْمُورِ، وَالْعَرْشُ وَحَضْرَةُ جَلَالِ اللَّهِ: فَوَزِّعْ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ الْخَمْسَةَ عَلَى الْأَنْوَاعِ الْخَمْسَةِ مِنَ الْقِبْلَةِ. النُّكْتَةُ الْخَامِسَةُ: الْحَوَاسُّ خَمْسٌ: أَدَّبَ الْبَصَرَ بِقَوْلِهِ: فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ [الْحَشْرِ: ٢] وَالسَّمْعَ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [الزمر: ١٨] والذوق بقوله: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحًا [الْمُؤْمِنُونَ: ٥١] وَالشَّمَّ بِقَوْلِهِ: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ [يُوسُفَ: ٩٤] وَاللَّمْسَ بِقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ [المعارج: ٢٩، الْمُؤْمِنُونَ: ٥] فَاسْتَعِنْ بِأَنْوَارِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْخَمْسَةِ عَلَى دَفْعِ مَضَارِّ هَذِهِ الْأَعْدَاءِ الْخَمْسَةِ. النُّكْتَةُ السَّادِسَةُ: اعْلَمْ أَنَّ الشَّطْرَ الْأَوَّلَ: مِنَ الْفَاتِحَةِ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْأَسْمَاءِ الْخَمْسَةِ فَتَفِيضُ الْأَنْوَارُ عَلَى الْأَسْرَارِ، وَالشَّطْرَ الثَّانِي: مِنْهَا مُشْتَمِلٌ عَلَى الصِّفَاتِ الْخَمْسَةِ لعبد فَتَصْعَدُ مِنْهَا أَسْرَارٌ إِلَى مَصَاعِدِ تِلْكَ الْأَنْوَارِ، وَبِسَبَبِ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ يِحْصُلُ لِلْعَبْدِ مِعْرَاجٌ فِي صَلَاتِهِ: فَالْأَوَّلُ: هُوَ النُّزُولُ، وَالثَّانِي: هُوَ الصُّعُودُ، والحد
1 / 242