إنما هو مندوب آخر، لن أنتهي من هذه الكلمة إلا وقد عرفناه.
فهذا ليس مؤتمرا إسلاميا آخر يعقد.
وليس مجرد منبر عربي إسلامي آخر سيقف كل رئيس أو ملك ليتحدث فيه حديثا بليغا عن «المخاطر» التي تحيق بالأمة الإسلامية وعن «التشرذم» و«الفرقة» التي أصبح عليها المسلمون اليوم، عن أحوالهم التي تدهورت، وأصبحت وسائل الإعلام العالمية وليس لها من عمل إلا نشر غسيل المسلمين على العالمين لكي يبدو قذرا، وإلا نشر أخبار الفضائح السياسية العربية والإسلامية وملء أدمغة الرأي العام الغربي بصورة مسلم إرهابي يخفي الخناجر والمتفجرات في عمامته، ولا يتوانى عن ذبح أخيه تحقيقا لما نطقت به طبيعته من حقد على الغرب والشرق معا، ونزعة إلى الإرهاب والإجرام عموما. نفس وسائل الإعلام والاتصال التي تولت تغذية مخيلة القرن التاسع عشر والعشرين بصورة اليهودي البخيل المرابي الذي لا يتوانى عن اقتطاع جزء من لحم أي بشري وفاء لدينه، صورة شيلوك شكسبير تاجر البندقية، لا، لقد ذهبت تلك الصورة إلى الأبد، وحلت محلها صورة يهودي حساس شديد التقوى متحضر السلوك واقف بأطفاله وشيوخه ونسائه مهددا من قبل عربي مسلم له لحية قاتل، وأنياب سفاك، يرتدي العقال ويحمل صرة الملايين ويهدد عالم الغرب وحضارته بالفناء.
لا، ليس هذا المؤتمر مجرد منبر آخر سيقف عليه كل رئيس أو ملك يعيد شرح الفضيحة العربية والإسلامية، ويناشد الضمير العالمي أن يستيقظ و«يحن» على عالم المسلمين بقليل من الرحمة والرأفة والقروض والتأييد.
نعم أخشى ما أخشاه أن يتحول مؤتمر الرؤساء المسلمين إلى «مكلمة» ومحزنة تلطم فيها الخدود وتشق الجيوب على الحال المسلم المائل.
فهذا أخطر مؤتمر قمة إسلامي يعقد.
ويعقد في أخطر مرحلة وصل إليها العالم الإسلامي والعربي منه على وجه التحديد.
ذلك الذي بدأ فيه المسلمون يأكل بعضهم بعضا، ويذبح بعضهم بعضا ويدمرون بلادهم بأنفسهم وبأيديهم، ويفعلون بأوطانهم ما لم يجرؤ على فعله أي تتار أو استعمار أو مغول.
ولهذا فإني، ومعي على ما أعتقد كل من بقي لديه ذرة من إدراك ووعي وبصيرة، نرجو من مؤتمركم هذا أن يكون شيئا آخر غير ما درجت عليه مؤتمراتكم؛ فهو ليس مؤتمر مسئولين أو حكام هذه المرة، وإنما هو مؤتمر مساءلين، أكاد أقول مؤتمر متهمين؛ إذ أنتم بأنفسكم الذين توليتم إيصال عالمنا العربي إلى تلك الحالة التي هو عليها، فإذا كان للمسلمين أعداء هم الذين يكيلون لهم الضربات تلو الضربات، فأقسى تلك الضربات وأشدها فتكا يأتيها منكم أنتم، من القيادات التي حضرت والتي لم تحضر.
حتى أوصلتمونا إلى مرحلة الهزيمة الكاملة.
Halaman tidak diketahui