Madina Fadila Cabr Tarikh
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
Genre-genre
إلى أنه يكشف عن وعي بالمشاكل الاجتماعية، سبق فيه أي مفكر اجتماعي إنجليزي قبل جودوين
Godwin ، وقد استنكر الملكية الخاصة للأرض استنكارا شديدا يتجلى في قوله: «دع الناس يقولوا ما يريدون، فما دام هناك أمثال هؤلاء الحكام الذين يدعون أن الأرض أرضهم، وما داموا يضعون أيديهم على ملكيتي الخاصة وملكيتك، فلن يحصل عامة الشعب على حريتهم، ولن تخلو الأرض من المتاعب والمظالم والشكاوى التي تغضب الخالق باستمرار ...
إن الإنسان الذي هو من لحم ودم يحكم بأن من العدل والصواب أن يملك بعض الرجال خيرات الأرض، أو يوصفوا بأنهم رجال أثرياء، سواء حصلوا على هذه الثروة بطريق الصواب أو الخطأ، وأنهم يستحقون أن يكونوا هم السادة ويحكموا الفقراء، بينما ينبغي على الفقراء أن يصبحوا خدما، بل عبيدا للأغنياء. ولكن الإنسان الروحي الذي هو إنسان مسيحي، يحكم طبقا لنور العدل والعقل بأنه يجب أن يكون لكل البشر الحق في مورد رزق كاف وفي الحرية الكافية ليعيشوا فوق هذه الأرض؛ وأنه لا ينبغي أن يكون هناك عبد ولا مسئول في جبله المقدس.»
وقد نادى كذلك بنهاية استغلال الإنسان لأخيه الإنسان: «لن يحصل إنسان على أرض تزيد مساحتها على قدرته على استثمارها بنفسه، أو بمشاركة آخرين يكدحون معه بحب، فيعملون معا، ويأكلون الخبز معا، مثل كل العشائر والعائلات في إسرائيل، بحيث لا يعطون أجرا ولا يأخذون أجرا.»
وعلى الرغم من ثورية آراء ونستنلي، فإنه لم يحرض الشعب على العنف أو تجريد الأثرياء من أملاكهم. لقد أراد أن يستولي الفقراء على الأراضي البور ويزرعوها معا: «ودع عامة الشعب الذين يقولون إن الأرض ملكنا، وليست ملكي، دعهم يعملوا معا، ويأكلوا الخبز معا في الأراضي المشاع وفوق الجبال والتلال.»
واضطهد اللوردات والعسكر وملاك الأراضي حفاري هضبة سان جورج خلال العامين التاليين، فضربوا، وسلبت منهم أدواتهم الزراعية، وأزيلت منازلهم، وأتلفت محاصيلهم، وحطمت عرباتهم. وقبض على بعضهم وحوكموا، وعندما عجزوا عن دفع الغرامات الثقيلة المفروضة عليهم، أخذت منهم أملاكهم الهزيلة. وبعد مضي عام واحد لم يتبق سوى قلة ضئيلة من الحفارين، الذين أقاموا، كما يقول ونستنلي، «أكواخا صغيرة قذرة مثل حظائر الحيوانات ليرقدوا فيها ... وزرعوا أراضي متفرقة بالقمح والشعير، ولم يجبرهم شيء على التقاعس سوى الحاجة للطعام الذي لم يعد يكفيهم الآن، فهم فقراء مساكين، تحملوا أعباء النفقات المختلفة منذ أن بدءوا حركتهم.»
هزم الحفارون على الرغم من شجاعتهم وصمودهم. وقد بذل ونستنلي كل ما في وسعه للدفاع عنهم، وبين في كتيبات عديدة شديدة اللهجة عدالة مطالبه ونواياهم السلمية، وناشد الجيش والبرلمان ومدينة لندن وقف اضطهادهم.
وبعد إخفاق مغامرة هضبة سان جورج في أن تكسب أي تأييد أو تتحول إلى حركة جماهيرية، كما كان يأمل روادها، نشر ونستنلي عام 1652م كتابه «قانون الحرية» الذي قدم فيه مشروع حكومة (كومنولث) مثالية. وقد تم تأليف الكتاب بعد أقل من أربع سنوات من نشر كتيبه الأول، وفي غضون هذه الفتوة القصيرة تطورت آراؤه الدينية والسياسية تطورا سريعا، وتحولت من النزعة الصوفية والدينية إلى نوع من الإلحاد العقلي، ومن الدعوة للإصلاح الزراعي إلى الدعوة للمزارع الجماعية الكاملة. وكان ونستنلي قد بدأ يفقد إيمانه بالوسائل التي عقد عليها الأمل هو ورفاقه لتحقيق المجتمع الأفضل. وكان الحفارون قد تصوروا أنهم سيستطيعون، عن طريق شرح أهدافهم ومن خلال النموذج الذي قدموه، أن يقنعوا الشعب بزراعة الأراضي البور بشكل جماعي مشترك، كما اعتقدوا أن ملاك الأراضي أنفسهم ربما أبدوا استعدادا للتخلي عن أراضيهم، ولم يلجئوا في مقاومتهم إلى العنف ، ولم يستخدموا القوة في الدفاع عن أنفسهم ضد الجنود والمزارعين الأغنياء الذين هاجموهم.
ويبدو أن فشل تجربة هضبة سان جورج قد أدى بونستنلي إلى الإيمان بأنه من المستحيل على الشعب، ما دام الجيش ضده، أن يمسك بزمام الأرض ويعمل بها كالرجال الأحرار. وربما كان هذا هو السبب الذي جعله يفتتح «قانون الحرية» برسالة إلى كرومويل، الذي كان في ذلك الوقت هو القائد الأعلى للجيش، وكان في استطاعته، أكثر من أي شخص آخر، أن يقوم بتنفيذ إصلاحات بعيدة المدى. ويتضح من مضمون ولهجة الرسالة أن أمل ونستنلي في أن ينفذ كرومويل البرنامج المطروح في كتابه كان أملا ضعيفا، وأنه اكتفى بأن يبلغه بما «ينبغي» عليه أن يفعل حتى يكون في موقف أفضل يساعده على نقد ما «يمكن» أن يعمل، ولم يكن ونستنلي ليكتب إلى كرومويل بهذه الطريقة لو أنه اعتقد حقا أنه هو المحرر والمشرع للمستقبل.
إن العمل الذي ينتظر أن تقوم به من جانبك هو التخلص من قوة المضطهد وشخصه معا، وأن تحرص على وضع الملكية الحرة للأرض وللحريات في أيدي العامة المظلومين في إنجلترا ... والآن وأنت تملك سلطة الأرض في يديك، يجب عليك أن تقوم بأحد أمرين: أولهما هو أن تجعل الأرض تحت تصرف عامة الشعب المضطهدين، الذين وقفوا معك ودفعوا مرتباتهم للجيش، وعندئذ تفي بما جاء في الكتب المقدسة وبما تعهدت به، وتنال الشرف الذي تستحقه.
Halaman tidak diketahui