Madina Fadila Cabr Tarikh
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
Genre-genre
أتتكلمون عن الجرائم! وهل سمعتم عن جريمة أفظع من جريمتكم؟ ما هو عقابكم لمن يقتل جاره؟ الموت بالسيف، وما هو عقابكم للجبان الذي يدس السم؟ الموت حرقا. قارنوا جريمتكم بجريمته، ثم أخبروني، يا من تسممون شعوبا بأكملها، ما هو نوع التعذيب الذي تستحقونه؟ قبل أن تأتوا إلينا بلحظات، كانت الفتاة التاهيتية تسلم نفسها لأحضان الشاب التاهيتي ومشاعره الفياضة، انتظرت نافدة الصبر حتى ترفع النقاب عن وجهها وتعري صدرها، بعد أن اعترف الجميع بأنها بلغت سن الزواج. كانت فخورة بأن تثير الرغبة في الرجال المجهولين، والأقارب، وأمها، وأن تجذب نظراتهم المفعمة بالحب. وبغير فزع، ولا خجل، أمام أعيننا ووسط حلقة من التاهيتيين الأبرياء، على أنغام الناي وبين الرقصات، تلقت قبلات الشاب الذي أثار قلبها الشاب وأيقظ مشاعرها الكامنة. ثم جئتم فجاءت معكم فكرة الجريمة وخطر المرض. أفراحنا الحلوة خالطها الندم والرعب. ذلك الشاب الملتف بالسواد الذي يقف بجوارك ويسمعني، لقد تكلم مع أولادنا. لا أعرف ماذا قال لبناتنا. ولكن أولادنا يبدو عليهم التردد، وبناتنا يعتريهن الخجل. توغلوا إذا شئتم في أعماق الغابة المظلمة مع لذاتكم المنحرفة، ولكن دعوا أهالي تاهيتي الطيبين البسطاء يتناسلون بلا خجل، تحت السماء المفتوحة، وفي ضوء النهار الساطع. هل يمكنكم أن تبثوا في قلوبهم شعورا أرق أو أنبل من ذلك الشعور الذي بعثناه فيهم وما يزال يحركهم؟ إنهم يحسون أن لحظة إغناء أمتهم وأسرهم بمواطن جديد قد حانت، وهم يعتزون بهذه اللحظة. إنهم يأكلون ليعيشوا ويكبروا، ويكبرون لكي يتكاثروا، ولا يرون في ذلك شرا ولا عارا.
استمعوا إلى قصص جرائمكم المستمرة. ما كدتم تختلطون بأهلنا حتى أصبحوا لصوصا. ولم تكد أقدامكم تطأ شواطئنا حتى تخضبت بالدماء. ذلك التاهيتي الذي جرى نحوكم ليستقبلكم وهو يصيح: تايوا يا صديق، يا صديق، لقد قتلتموه. ولكن لماذا قتلتموه؟ ... لأنه انبهر بتألق بيض حياتكم الصغيرة. وأعطاكم من فاكهته، قدم لكم زوجته وابنته، تخلى لكم عن كوخه، ومع ذلك قتلتموه من أجل حفنة خرز أخذها بغير إذن. والشعب؟ تملكه الفزع من صوت طلقتكم القاتلة فهرب إلى الجبال. لكن ثقوا أنه لم يكن لينتظر طويلا حتى يهبط مرة أخرى. ولولاي لكان مصيركم المحتوم هو الفناء. آه! لماذا هدأت من روعهم؟ لماذا كبحت جماحهم؟ ولماذا أبعدتهم عنكم حتى الآن؟ لا أعرف، لأنكم لا تستحقون الشفقة، ولأن أرواحكم الشرسة لن تشعر بهذه الشفقة أبدا. لقد تجولت أنت ورفاقك، في كل مكان في جزيرتنا. عاملناكم باحترام، استمتعتم بكل شيء، لم يقف عائق في طريقكم، لم يرفض لكم طلب، دعيتم إلى أكواخنا، فجلستم باستثناء اللواتي لم يسمح لهن برفع النقاب عن وجوههن وصدورهن، أحضرت لكم أمهاتهن كل الأخريات عاريات تماما. استوليت على الضحية الضعيفة لكرم الضيافة، وكدست الزهور وأوراق الشجر عليك وعليها، ارتفعت الأنغام المنبعثة من آلاتهم الموسيقية، لم يفسد شيء حلاوة قبلاتك وقبلاتها، ولم يعتد أحد على حريتكما.
ترنموا بأغنية تحثك على أن تكون رجلا، وتحث طفلتنا على أن تكون امرأة حنونا دافئة، رقصوا حول فراشكما. وبعدما استمتعت على صدرها بنشوة السكر ذبحت أخاها، وصديقها أو أباها.
ثم فعلت ما هو أسوأ من ذلك كله، انظر هناك، أترى ذلك المستودع الذي يغص بالأسلحة؟
هذه الأسلحة التي هددت أعداءكم توجه الآن إلى أطفالنا. انظر لرفاق لذاتك التعساء. تأمل حزنهم وتعاسة آبائهم ويأس أمهاتهم. لماذا يحكم على هؤلاء بالموت، سواء بأيديكم أو بالمرض الذي أصبتموهم به؟ «ابتعدوا الآن، إلا إذا كانت عيونكم القاسية تتلذذ بمشهد الموت.»
اذهبوا الآن، اذهبوا، ولتكفر البحار الآثمة التي أمنت رحلتكم عن ذنبها. وتثأر لنا بابتلاعكم قبل أن ترجعوا لبلادكم. «وأنتم، يا شعب تاهيتي! امضوا إلى أكواخكم، اذهبوا جميعا، ودعوا هؤلاء الغرباء يرحلون وهم يسمعون هدير المحيط، ويرون زبد غضبه وهو يكسو الشاطئ المهجور بالبياض.»
هوامش
الفصل الخامس
يوتوبيات القرن التاسع عشر
يرتبط تاريخ اليوتوبيات في القرن التاسع عشر بميلاد الحركة الاشتراكية، ويصعب أحيانا تمييز المشروعات التي تنتمي لعالم الفكر اليوتوبي من تلك التي تدور في فلك الإصلاح الاجتماعي. ويكاد لا يوجد واحد من الكتب التي نشرت في هذه الحقبة إلا ووصف في فترة أو أخرى بأنه يوتوبي.
Halaman tidak diketahui