نظام الطبقات الجائر:
أما نظام الطبقات فلم يعرف في تاريخ أمة من الأمم نظام طبقي أشد قسوة وأعظم فصلًا بين طبقة وطبقة وأشد استهانة بشرف الإنسان من النظام الذي اعترفت به الهند دينيًا ومدنيًا، وخضعت له آلافًا من السنين ولا تزال، وقد بدت طلائع التفاوت الطبقي في آخر العهد الويدي بتأثير الحرف والصنائع وثوراتها، وبحكم المحافظة عل خصائص السلالة الآرية المحتلة ونجابتها، وقبل ميلاد المسيح بثلاثة قرون ازدهرت في الهند الحضارة البرهمية، ووضع فيها مرسوم جديد للمجتمع الهندي، وألف فيه قانون مدني وسياسي اتفق عليه البلاد وأصبح قانونًا رسميًا ومرجعًا دينيًا في حياة البلاد ومدنيتها وهو المعروف الآن بـ "منوشاستر ".
يقسم هذا القانون أهل البلاد إلى أربع طبقات ممتازة وهي (١) البراهمة، طبقة الكهنة ورجال الدين. (٢) شتري رجال الحرب. (٣) ويش رجال الزراعة والتجارة. (٤) شودر رجال الخدمة. ويقول " منو " مؤلف هذا القانون:
«إن القادر المطلق قد خلق لمصلحة العالم البراهمة من فمه، وشتري من سواعده، وويش من أفخاذه، والشودر من أرجله، ووزع لهم فرائض وواجبات لصلاح العالم. فعلى البراهمة تعليم ويد أو تقديم النذور للآلهة وتعاطي الصدقات، وعلى الشتري حاسة الناس
والتصدق وتقديم النذور ودراسة " ويد " والعزوف عن الشهوات، وعلى ويش رعي السائمة والقيام بخدمتها وتلاوة ويد والتجارة والزراعة، وليس لشودر إلا خدمة هذه الطبقات الثلاث» (١) .
امتيازات طبقة البراهمة:
وقد منح هذا القانون طبقة البراهمة امتيازات وحقوقًا ألحقتهم بالآلهة فقد قال إن البراهمة هم صفوة الله وهم ملوك الخلق، وإن ما في العالم هو ملك لهم فإنهم
_________
(١) منوشاستر: الباب الأول.
1 / 51