49

Madarij Salikin

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

Penyiasat

محمد أجمل الإصلاحي ونبيل بن نصار السندي ومحمد عزير شمس وعلي بن محمد العمران

Penerbit

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1441 AH

Lokasi Penerbit

الرياض وبيروت

Genre-genre

Tasawuf
كان العبد كُسي ثوبا معارا ...) إلخ، ولم يقف عليه ابن القيم. وقد أطال التلمساني في شرحه مع افتراض إيرادات على كلامه ثم الرد عليها. وقد فسَّر ابن القيم كلام الهروي على وجهين: أولهما: «أن يُكسى حلية الصادقين، ويلبس ثيابهم على غير قلوبهم وأرواحهم، فثوب الصِّدق عاريةٌ له لا مِلْك، فهو كالمتشبِّع بما لم يُعطَ، فإنَّه كلابس ثوبي زورٍ. فهذا أحسن أعماله ذنبٌ يعاقَب عليه، كما يعاقَب المقتول في الجهاد، والقارئُ القرآنِ المتنسِّك، والمتصدِّقُ، ويكونون أوَّل من تُسعَّر بهم النار يوم القيامة لمَّا لبسوا ثياب الصادقين على قلوب المرائين». ولكنه عقّب عليه بأنه معنًى صحيح غير أنه لا يظنه مقصود الشيخ، وإنما قصد معنًى آخر، وهو: «أنَّه متى تيقَّن العبد أنَّ وجوده ثوبٌ معارٌ ليس منه، فإنه ليس به ولا له، وإنَّما إيجاده وصفاته وإرادته وقدرته وأعماله عاريةٌ من الفعَّال وحده، والعبد ليس له من ذاته إلَّا العدم، فوجوده وحياته ثوبٌ أُعيرَه. فمتى نظر بعين الحقيقة إلى كسوته رأى أحسن أعماله ذنوبًا في هذا المقام، وأصدق أحواله زورًا، وأصفى قصوده قعودًا. فلا يرى لنفسه عملًا، ولا حالًا ولا قصدًا، فإنّه ليس له من نفسه إلَّا الجهل والظُّلم، فكلُّ ما من نفسه فهو ذنب وزور وقعود، وما كان مرضيًّا فهو بالله ومن الله ولله، لا بالنفس ولا منها ولا لها، فإنَّ العبد إذا رأى أنَّه قد فعل الطاعة كان رؤيته لذلك ذنبًا، فإنَّه نسب الفعل إليه، والله في الحقيقة هو المتفرِّد بالفعل. فعلى هذا لا يتخلَّص العبد من الذنب قطُّ، فإنَّه إذا خلَّص فعله من الرِّياء ومن كلِّ شيءٍ يفسده اقترن به آخَرُ لا يمكنه الخلاص منه، وهو اعتقاده أنَّه هو الفاعل».

1 / 51