فقالت: نعم والله لقد سررت بالخبر، فأنى لك بتصديق الفعل؟!
فضحك معاوية وقال: والله لوفاؤكم له بعد موته أعجب من حبكم له في حياته! اذكري حاجتك. فقالت: يا أمير المؤمنين، آليت على نفسي ألا أسأل أميرا أعنت عليه أبدا.
7
وحدثوا أيضا أن معاوية حج فسأل عن امرأة من بني كنانة كانت تنزل بالحجون، يقال لها دارمية الحجونية، وكانت سوداء كثيرة اللحم، فأخبر بسلامتها فبعث إليها فجيء بها. فقال: ما جاء بك يا ابنة حام؟ فقالت لست لحام، إن عبتني، أنا امرأة من بني كنانة. قال: صدقت، أتدرين لم بعثت إليك؟ قالت: لا يعلم الغيب إلا الله. قال: بعثت إليك لأسألك علام أحببت عليا وأبغضتني، وواليته وعاديتني؟ قالت: أوتعفيني؟ قال: لا أعفيك. قالت: أما إذ أبيت فإني أحببت عليا على عدله في الرعية، وقسمه بالسوية، وأبغضتك على قتال من هو أولى منك بالأمر، وطلبك ما ليس لك بحق، وواليت عليا على ما عقد له رسول الله
صلى الله عليه وسلم
من الولاء وحبه المساكين، وإعظامه لأهل الدين، وعاديتك على سفكك الدماء، وجورك في القضاء، وحكمك بالهوى، قال: فلذلك انتفخ بطنك، وعظم ثدياك، وربت عجيزتك! قالت: يا هذا بهند والله كان يضرب المثل في ذلك، لأبي! قال معاوية: يا هذه اربعي فإنا لم نقل إلا خيرا، إنه إذا انتفخ بطن المرأة تم خلق ولدها، وإذا عظم ثدياها تروى رضيعها، وإذا عظمت عجيزتها رزن مجلسها، فرجعت وسكنت، ثم قال: يا هذه، هل رأيت عليا؟ قالت: إي والله! قال: فكيف رأيته؟ قالت رأيته والله لم يفتنه الملك الذي فتنك، ولم تشغله النعمة التي شغلتك! قال: فهل سمعت كلامه؟ قالت: نعم، والله! فكان يجلو القلوب من العمى، كما يجلو الزيت صدأ الطست. قال: صدقت، فهل لك من حاجة؟ قالت: أوتفعل إذا سألتك؟ قال: نعم. قالت: تعطيني مائة ناقة حمراء فيها فحلها وراعيها. قال : تصنعين بها ماذا؟ قالت: أغذو بألبانها الصغار، وأستحيي بها الكبار، وأكتسب بها المكارم، وأصلح بها بين العشائر. قال: فإن أعطيتك ذلك، فهل أحل عندك محل علي بن أبي طالب؟ قالت: سبحان الله! أو دونه! فأنشأ معاوية يقول:
إذا لم أعد بالحلم مني عليكم
فمن ذا الذي بعدي يؤمل للحلم
خذيها هنيئا واذكري فعل ماجد
جزاك على حرب العداوة بالسلم
Halaman tidak diketahui