274

Madaih Nabawiyya

المدائح النبوية في الأدب العربي

Genre-genre

به يتغالى الطيب والمسك يختم

ولم نقف على هذه القصيدة كاملة، وما أثبتناه هنا ليس إلا شذرات جمعناها مما تفرق منها في خزانة الأدب، ولم نشر إلى هذه القصيدة إلا لندل على أن الحموي كان يتجه إلى هذا الفن، فإن بديعيته لم توضع في الأصل لمدح الرسول، وإنما هي قصيدة فنية مدح بها النبي مدحا صناعيا لتلحق بأمثالها من البديعيات، وبيان ذلك أن الشاعر لم يكن يهمه عند نظم البيت أن يبلغ مبالغ الصادقين في مدح الرسول، وإنما كان يهمه أن يجيد الإفصاح عما يقصد إليه من فنون البديع، وآية ذلك أنه لم يهتم في شرح البديعية بشيء يذكر من السيرة النبوية، وإنما وقف عند الفنون البديعية، ومجاراته للموصلي والحلي وقفت أيضا عند هذه الغاية، فلم ينظر فيها إلى المدح كما نظر إلى الفن؛ أعني علم البديع. والخلاصة أن خزانة الأدب - وهي مجلد ضخم يقع في 570 صفحة من القطع الكبير - لا يمكن على الإطلاق أن تعد كتابا في السيرة أو الشمائل النبوية، إنما هي كتاب في الأدب الصرف الذي قام على أساس المحسنات البديعية، ولم يفت هذا مصنفي فهارس دار الكتب المصرية، فقد وضعوها في فهرس البلاغة، ولم يرد لها ذكر في فهرس الأدب ولا فهرس التاريخ. (5)

والحموي في خزانته يزهو بنفسه ويختال، وهو يذكر بابن الأثير في كتاب المثل السائر، وإن كان ابن الأثير بالنسبة إليه من المتواضعين، وزهو الحموي يدلنا على أن النقد في عصره لم يكن قويا، ولو كان للنقد في زمانه سلطان لما أسرف في الاختيال. وإلى القارئ بعض الشواهد: (أ)

قال في براعة المطلع: «وأذكرني مهيار بحسن براعته ما كتبت به إلى سيدنا ومولانا قاضي القضاة: صدر الدين، ملك المتأدبين، أبي الحسن علي بن الآدمي ... وهي رسالة مشتملة على نظم ونثر، فصدرت الجواب بقصيدة ترفل في حلل النسيب على طريق مهيار، وكلها براعة استهلال، أولها:

وصلت ولكن بعد طول تشوق

ودنت وقد رقت لقلبي الشيق

وما أحلى ما قلت بعده:

فثملت من طرب برجع حديثها

فكأنما قد نادمت بمعتق»

5 (ب)

Halaman tidak diketahui