Macqul dan La Macqul dalam Warisan Pemikiran Kita
المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري
Genre-genre
وسأجعل هذه المدارج نفسها معالم طريقي عندما أشق لنفسي طريقا في دنيا تراثنا الفكري، باحثا عن «العقل» كيف بدأ وكيف نما، وفي أي اتجاه استقام به السير أو انعرج.
وإنه ليخيل إلي - بعد نظرة إلى تاريخنا الفكري من أعلى - بأن القرن السابع الميلادي (الأول الهجري) قد شهد مرحلة الومضات العفوية الخلاقة، وأن القرنين الثامن والتاسع هما اللذان قد شهدا التنظيم والتقسيم وتأصيل القواعد والاستدلال منها، وأن القرن العاشر قد جاوز القواعد المجزأة المفرقة إلى المبادئ الفلسفية الكاملة الشاملة، ثم جاء القرن الحادي عشر، فلجأ إلى الحدس ليلتمس الحق في لمحة التصوف، وأما بعد ذلك - فباستثناء حالات تلفت النظر - كان نشاطنا الفكري على الأعم الأغلب تدوينات وتجميعات لما كان، بغير إضافة جديدة، هذا في المشرق. وأما في الأندلس فقد سارت الخطوات على غرار الدورة نفسها؛ تنظيم وتقسيم، ثم تتويج لذلك بنظرات فلسفية شاملة، ثم آخر الأمر تصوف يريد أن يختصر الطريق إلى الحق بشهود مباشر.
الفصل الثاني
مشكاة البديهة
أدب وفلسفة وفروسية وسياسة
6
لست أكتب هذه الصفحات كما يكتب المؤرخون، فأتبع اللواحق بسوابقها والنتائج بمقدماتها، بل إني أكتبها كما يكتب الرحالة عن مشاهداتهم أثناء الطريق، فليست وقفتي وقفة العالم وهو يحلل موضوعه إلى عناصره، بقدر ما هي وقفة الأديب الذي ينطبع بالحوادث من حوله، فيقص على الناس ما قد أحسه في مجرى شعوره الواعي؛ إنها أقرب إلى وقفة هوسرل في تعقبه لظواهر الوعي عند إدراكه لما يدركه، تعقبا يهتم بوقع الشيء المدرك في جملته، منها إلى وقفة ديكارت في رده الإدراك إلى بسائط الحدس، أو وقفة هيوم في رجوعه بالإدراك إلى معطيات الحواس؛ لا، ليس هو تحليلا وتشريحا ما أقصد إليه بهذه الصفحات، لكنه الأثر الذي يخرج به المتفرج بعد مسرحية شهدها لتوه، وانصرف إلى داره يستعيد الصوت واللون والحركة، وكيف كان وقعها على بصره وسمعه.
ومن يكتب عن الماضي أحد رجلين: فإما هو رجل تعمد نسيان عصره وخبرته وأفكاره، ليكر راجعا إلى العصر الذي أراد الكتابة عنه، منخرطا في أهله كأنه واحد منهم، ينظر إلى الأمور بعين كعيونهم، ويقوم الأشياء بمعيار هو نفسه معيارهم، التماسا للإنصاف؛ وذلك لأن الناس في زمن لا يطالبون بالعيش في زمن آخر لم يئن أوانه بعد، وإما هو رجل يحمل معه خبرته كلها وأفكاره كلها وظروف عصره هو؛ ليرجع إلى العصر الذي أراد الكتابة عنه، لا كتابة رجل يريد إنصاف الناس بحكمه على مواقفهم من شئون دنياهم، فيلبس لبوسهم ويحكم بأخلاقهم على سلوكهم، بل كتابة رجل يريد أن ينتفع في عصره القائم بما عساه واجده من خير عند الأسلاف، فسواء كان للأقدمين أعذارهم فيما قالوه وفعلوه أو لم يكن، فليس هذا من شأن صاحبنا هذا، وإنما هو كالوسيط في عالم التجارة، يبحث عند المنتجين عن السلعة التي يستطيع بيعها لزبائنه، فقد يغض نظره عن الجيد إذا علم أن ليس عنده من يشتريه، ويسعى وراء الرديء؛ لأنه السلعة الرائجة في سوق بيعه، بل إنه عند النظر إلى السلع المعروضة لا يكاد يفهم ماذا تعني الجودة والرداءة؛ لأن الجودة والرداءة ليستا موضع نظره في هذه الحالة، إنما موضع نظره هو ماذا ينفع الناس في بلده، وماذا لا ينفعهم.
ولست هنا أفاضل بين الرجلين؛ فلكل منهما وجهة نظر ترتب عليها أسلوبه في البحث، وكل أسلوب يبحث به صاحبه عن غايته هو أسلوب صحيح إذا انتهى بصاحبه إلى تلك الغاية، فلا صواب هنا ولا خطأ إلا بالقياس إلى ما يبتغيه الباحث، وإني لأقرر عن نفسي أنني حين هممت بهذه الرحلة في دنيا تراثنا الفكري، لم أجعل غايتي تقويم ذلك التراث، ومن أكون حتى أجيز لنفسي مثل هذا التقويم لتراث كان بالفعل أساسا لحضارة شهد لها التاريخ؟ لكني جعلت غايتي شيئا آخر، أظنه من حقي إذا أردته، وهو البحث في تراثنا الفكري عما يجوز لعصرنا الحاضر أن يعيده إلى الحياة ليكون بين مقومات عيشه ومكونات وجهة نظره، وبهذا يرتبط الحاضر بذلك الجزء من الماضي الذي يصلح للدخول في النسيج الحي لعصرنا الذي يحتوينا راضين به أو مرغمين.
7
Halaman tidak diketahui