Makna Kehidupan: Pengenalan Yang Sangat Ringkas
معنى الحياة: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
إذن من الممكن الاعتقاد بأن هناك قصة ذات دلالة راسخة في الواقع، رغم عدم وجود مصدر إلهي لها. فلم تكن الروائية جورج إليوت - على سبيل المثال - مؤمنة دينيا، ولكن رواية مثل «ميدل مارش» - شأنها شأن الكثير من الأعمال الأدبية الواقعية - تفترض أن هناك مقصدا ذا معنى متأصلا في التاريخ ذاته. إن مهمة الكاتب الواقعي الكلاسيكي لا تكمن في ابتداع قصة خرافية بقدر ما تكمن في تفسير المنطق الخفي لقصة راسخة في الواقع. قارن ذلك بمؤلف معاصر مثل جويس، الذي يرى أن النمط يجب أن يكون مجسدا داخل الكون وليس مستخرجا منه. فرواية «أوليسيس» لجويس مبنية بشكل تام ومعقد على أساس الأسطورة الإغريقية المشار إليها في عنوانها؛ ولكن جزءا من الدعابة يكمن في أن أي أسطورة أخرى ربما كانت لتفيد بنفس القدر في تسريب مظهر من مظاهر النظام إلى عالم فوضوي خارج نطاق التوقعات.
في هذا المعنى الفضفاض لكلمة «ذي معنى» والذي مفاده «إفشاء نية ذات دلالة»، يمكننا أن نتحدث عن معنى شيء ما دون افتراض أن هذا المعنى له من أبدعه؛ وتلك نقطة تستحق الإشارة إليها حين يتعلق الأمر بمعنى الحياة. ربما لا يكون الكون قد صمم عن وعي، وبالتأكيد لا يكافح من أجل قول أي شيء، ولكنه أيضا ليس فوضويا فحسب. بل على العكس، فقوانينه الأساسية تظهر جمالا وتناسقا وتنظيما قادرين على إبكاء العلماء. ومن ثم فإن فكرة أن العالم إما أنه يمنح معنى من قبل الإله، أو أنه عشوائي وتافه تماما، تعد تضادا زائفا. فحتى هؤلاء الذين يؤمنون بأن الإله هو المعنى المطلق للحياة ليس بالضرورة أن يؤمنوا بأنه بدون هذا الأساس الإلهي الوطيد، لما كان هناك معنى متماسك على الإطلاق.
إن الأصولية الدينية هي ذلك القلق العصابي من فكرة أنه دون وجود «معنى المعاني» فليس هناك معنى على الإطلاق، وهي ببساطة الجانب الآخر للعدمية. وأساس هذا الافتراض هو تلك النظرة للحياة باعتبارها بيتا من ورق: أزل الورقة التي بالأسفل، وسوف ينهار ذلك البناء الهش بأكمله. والشخص الذي يفكر بهذا الأسلوب هو مجرد أسير لصورة مجازية. والواقع أن الكثير جدا من الذي يعتنقون إيمانا دينيا يرفضون هذه الرؤية؛ فما من شخص مؤمن دينيا يتسم بالحس المرهف والذكاء يتخيل أن غير المؤمنين غارقون لا محالة في وحل التفاهة واللامعقولية، وليسوا ملزمين أيضا بأن يؤمنوا بأن وجود إله يعني أن يصبح معنى الحياة واضحا بشكل جلي. على العكس؛ فبعض ممن لديهم إيمان ديني يؤمنون بأن وجود إله يجعل العالم أكثر غموضا وليس أقل. فإذا كان لدى الإله هدف بالفعل، فهو هدف غير مفهوم إطلاقا. وفي هذا الإطار لا يكون الإله هو الإجابة لأية مشكلة؛ فهذا يميل إلى تعقيد الأشياء بدلا من جعلها بديهية وواضحة بذاتها.
في معرض دراسته لكل من الكائنات الطبيعية والأعمال الفنية، كتب الفيلسوف إيمانويل كانط عنها في كتابه «نقد ملكة الحكم» باعتبارها تعرض ما أسماه «الغائية دون غاية». فجسم الإنسان ليس له غاية، إلا أن بإمكانك الحديث عن أجزائه المتنوعة باعتبارها ذات «معنى» من حيث موضعها داخل الكل. وتلك ليست مدلولات نقوم باختيارها واتخاذ قرار بشأنها بأنفسنا. فلا أحد قام بتصميم قدم الإنسان، ولا شك أن الحديث عن «الغاية» منها المتمثلة في مساعدتنا على الركل والسير والركض سيكون بمثابة إساءة استخدام للغة. ولكن القدم لها وظيفة داخل النظام الكلي للجسم، ومن ثم سيكون منطقيا بالنسبة لشخص يجهل التشريح الإنساني أن يسأل عن دلالتها. وكما أن من التعريفات التي نعرف بها كلمة «معنى» أنه وظيفة أية كلمة ضمن منظومة ما، كذلك نستطيع أن نقول بتحريف بسيط للغة إن القدم لها معنى داخل الجسم ككل، وإنها ليست مجرد سديلة أو مفصل عشوائي في نهاية الساق.
لنأخذ مثالا آخر: لن يكون مستغربا لدرجة أن تسأل «ما معنى تلك الضوضاء؟» عندما تسمع صوت الرياح وهي تعصف بشكل غريب عبر الأشجار. من المؤكد أن الرياح لا تحاول التعبير عن أي شيء، ولكن صوتها «يدل» على ذلك. ولإرضاء فضول المتحدث أو التخفيف من انزعاجه، نمضي في سرد قصة صغيرة عن ضغط الهواء، وعلم السمع، وما إلى ذلك. مرة أخرى، ليست هذه دلالة نستطيع اتخاذ قرار بشأنها. بل سيكون ممكنا أن نقول عن شكل عشوائي لمجموعة من الحصى إنها تعني شيئا؛ كأن نقول مثلا إنها ترمز بلا قصد لعبارة «كل القوة للسوفييت»، على الرغم من أنه لم يضعها أحد هناك لهذا الهدف.
1
ويمكن لشيء حدث مصادفة - مثلما فعلت الحياة على ما يبدو - أن يوحي بوجود تصميم مقصود. فكلمة «مصادفة» لا تعني «مبهم». فحوادث السيارات ليست مبهمة؛ فهي ليست أحداثا غريبة تفتقر تماما للإيقاع أو المنطق، ولكنها نتيجة لأسباب معينة. كل ما في الأمر أن هذه النتيجة لم تكن مقصودة من قبل أطرافها. ربما تبدو عملية ما صدفة في وقت حدوثها، ولكنها تندرج تحت نمط ذي دلالة بأثر رجعي. وقد كانت تلك هي نظرة هيجل لتاريخ العالم تقريبا. فقد يبدو بلا معنى إلى حد ما بينما نعيشه، ولكنه من منظور هيجل له معنى منطقي تماما عندما تنظر «روح العصر» خلفها - إن جاز التعبير - وتلقي نظرة إعجاب على ما صنعته. ويرى هيجل أنه حتى حماقات التاريخ وطرقاته المسدودة تساهم في النهاية في ذلك المقصد الرائع. أما الرؤية المضادة لتلك الرؤية، فهي تلك الكامنة في الدعابة القديمة «حياتي مليئة بالشخصيات الرائعة، ولكن يبدو أنني عاجز عن فهم الحبكة الدرامية لها.» فقد تبدو ذات معنى من لحظة لأخرى، ولكن لا يبدو أنها تتراكم معا لتكون معنى كاملا.
كيف يمكننا أيضا أن نفكر بشأن المعاني غير المقصودة؟ قد تقوم فنانة برسم كلمة «خنزير» على لوحتها القماشية، ليس للتعبير عن مفهوم «الخنزير»؛ ليس لكي «تعنيه»، ولكن ببساطة لافتتانها بشكل الكلمة. غير أن الشكل سوف يعني «خنزيرا» رغم ذلك. على النقيض من ذلك، نجد الكاتب الذي يقحم قدرا كبيرا من الرطانة المبالغة غير المفهومة في أعماله. فلو كان لذلك هدف فني، لربما نقول: إن الكلمات ذات معنى من حيث إن لها دلالة، حتى لو كانت بلا معنى بمعنى الكلمة. فقد تدل مثلا على هجوم من الحركة الدادائية على الوهم الرتيب بثبات المعنى. قد «يقصد» المؤلف شيئا ما بهذا التصرف، حتى لو كان ما «قصد قوله» لا يمكن نقله والتعبير عنه إلا بكلمات ليس لها أي معنى في إطار منظومته اللغوية.
نحن نتحدث عن شبكة المعاني المعقدة لإحدى مسرحيات شكسبير دون الافتراض دائما أن شكسبير كان يفكر بهذه المعاني في رأسه في نفس لحظة تدوينه للكلمات. فكيف يمكن لأي شاعر لديه مثل هذا الخيال الخصب المذهل أن يضع في ذهنه كل الدلالات الممكنة لمعانيه؟ والقول بأن «هذا معنى محتمل للعمل» أحيانا ما يعني أن هذا هو الشكل الذي يمكن به تفسير معنى العمل بشكل منطقي ومعقول. فما كان المؤلف «يقصده» بالفعل ربما يكون غير قابل للاستعادة، حتى بالنسبة له. والكثير من المؤلفين أظهرت لهم أنماط من المعنى في أعمالهم لم يكونوا يقصدون وضعها بها. وماذا عن المعاني اللاشعورية التي لم تقصد عن عمد كما يتضح من اسمها؟ يعلق فيتجنشتاين في هذا الصدد بقوله: «إنني أفكر بقلمي حقا؛ لأن عقلي غالبا لا يعرف شيئا عما تكتبه يدي.»
2 •••
Halaman tidak diketahui