Makna Kehidupan: Pengenalan Yang Sangat Ringkas
معنى الحياة: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
إذن قد يكون هناك اتجاه معين يمثل فيه التساؤل عن تفاصيل معنى الحياة شيئا ممكنا دائما للبشر؛ بل جزءا مما يجعلنا ما نحن عليه الآن من المخلوقات. فيثير أيوب في العهد القديم السؤال بنفس إصرار جان بول سارتر تقريبا. غير أن السؤال - بالنسبة لمعظم العبرانيين القدماء - كان على الأرجح سؤالا في غير محله؛ نظرا لوضوح الإجابة. فقد كان يهوه (رب العبرانيين) وقوانينه هم معنى الحياة، وعدم إدراك ذلك كان أمرا لا مجال للتفكير فيه تقريبا. وحتى أيوب - الذي كان يرى أن الوجود الإنساني (أو على الأقل الجزء الخاص به منه) خطيئة مريعة يجب محوها في أسرع وقت ممكن - يعترف بوجود يهوه كلي القدرة.
ربما كان السؤال «ما معنى الحياة؟» سيبدو في نظر العبراني القديم سؤالا غريبا شأنه شأن سؤال «هل تؤمن بالإله؟» فالسؤال الأخير، بالنسبة لمعظم الناس اليوم، بمن فيهم الكثير من المؤمنين الأتقياء، مصاغ بلا وعي على غرار أسئلة مثل «هل تؤمن ببابا نويل؟» أو «هل تؤمن بظاهرة الاختطاف الفضائي؟» وبناء على هذه النظرية، فإن هناك كيانات بعينها، بدءا من الإله وحيوان الييتي، وصولا إلى وحش بحيرة لوخ نيس وطواقم الأجسام الطائرة مجهولة الهوية، قد يكون أو لا يكون لها وجود. والأدلة فيما يتعلق بهذا الأمر ملتبسة والآراء منقسمة، ولكن أي عبراني قديم لم يكن ليتخيل على الأرجح أن سؤال «هل تؤمن بالإله؟» يعني أي شيء من هذا القبيل. فلما كان وجود يهوه معلنا ومصرحا به من السموات والأرض، فإن السؤال يعني فقط: «هل تؤمن به؟» لقد كانت مسألة ممارسة، وليس افتراضا فكريا. لقد كان يسأل عن علاقة، وليس عن رأي.
إذن ربما كانت شعوب ما قبل الحداثة بشكل عام - على الرغم من ادعاءات هايدجر شديدة العمومية - قد ابتليت بدرجة أقل بسؤال معنى الحياة منا نحن الشعوب المعاصرة. ولم يكن ذلك يرجع فقط لأن معتقداتهم الدينية كانت أقل عرضة للتساؤل، ولكن أيضا لأن ممارساتهم الاجتماعية كانت أقل إشكالية. ربما كان أساس معنى الحياة في مثل هذه الظروف يكمن إلى حد ما في القيام بما كان يفعله أجدادك، وما كانت تتوقعه منك الأعراف الاجتماعية العتيقة. فالدين والأساطير متواجدان من أجل توجيهك فيما هو مهم بشكل أساسي. وفكرة أن من الممكن أن يكون هناك معنى فريد لحياتك بالنسبة لك - يختلف إلى حد كبير عن معنى حياة الآخرين - لم تكن لتحصد الكثير من الأصوات المؤيدة. فمعنى حياتك يتألف بشكل عام من وظيفته ضمن كيان كلي أعظم. وخارج هذا السياق أنت مجرد دلالة جوفاء لا معنى لها. فكلمة «فرد» تعني في الأصل «لا يتجزأ» أو «لا ينفصل عن». ويبدو أن شخصية أوديسيوس التي رسمها هوميروس تشعر بهذا تقريبا، فيما يبتعد هاملت شكسبير عن هذا الشعور بشكل شبه مؤكد.
إن الشعور بأن معنى حياتك هو وظيفة ضمن كيان أعظم لا يتعارض إطلاقا مع امتلاك إحساس قوي بالفردية. فمعنى الفردية - وليس حقيقتها - هو ما على المحك هنا. وهذا لا يعني أن الناس في عصر ما قبل الحداثة لم يكونوا يسألون أنفسهم عن هويتهم أو ماذا يفعلون هنا. إن ما نعنيه ببساطة أنهم كانوا فيما يبدو أقل حماسا بشكل عام إزاء هذا السؤال من ألبير كامو أو تي إس إليوت على سبيل المثال، ويرتبط ذلك بشكل كبير بإيمانهم الديني.
ولو أن ثقافات ما قبل الحداثة بشكل عام كانت أقل انشغالا بمعنى الحياة من فرانز كافكا، لكان الشيء نفسه قد انطبق فيما يبدو على ثقافات ما بعد الحداثة. ففي المناخ البراجماتي الذي يتمتع بالقدرة على التعامل مع المواقف الصعبة الذي تتميز به رأسمالية ما قبل الحداثة المتقدمة، بتشكيكها في الصور الكبيرة والسرديات الكبرى، وتحررها الواقعي من كل ما هو ميتافيزيقي، تعتبر «الحياة» واحدة ضمن سلسلة كاملة من الكيانات الكلية غير الموثوق بها. فنحن مطالبون بالتفكير على نطاق محدود بدلا من التفكير على نطاق كبير وطموح؛ في الوقت الذي يفعل فيه بعض ممن يسعون لتدمير الحضارة الغربية العكس تماما، وهو ما يثير السخرية. وفي إطار الصراع الدائر بين الرأسمالية الغربية والإسلام المتطرف، نجد ندرة في الإيمان في مواجهة وفرة بالغة منه. فيجد الغرب نفسه في مواجهة هجوم ميتافيزيقي عنيف بالتزامن مع المرحلة التاريخية التي تجرد فيها من الأسلحة الفلسفية إن جاز التعبير. وفيما يتعلق بمسألة الإيمان، تفضل حركة ما بعد الحداثة التنقل بأقل عدد من الأحمال: فلا شك أن لها معتقدات، ولكن ليس لديها إيمان.
حتى «المعنى» يتحول إلى مصطلح مشكوك فيه لدى مفكري ما بعد الحداثة مثل الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز. فهذا المصطلح يفترض أن شيئا واحدا يمكن أن يمثل أو يرمز لآخر، وهو افتراض يجده البعض باليا. وهكذا تسقط فكرة التأويل فريسة للهجوم. فالأشياء بصراحة شديدة تعبر عن نفسها فقط، وليست رموزا مبهمة لشيء آخر؛ فما تراه هو ما يصل إليك. أما المعنى والتأويل، فيتضمنان رسائل وآليات خفية؛ أعماق متراصة أسفل أسطح، ولكن هذا النموذج الكلي للسطح/العمق - من منظور فكر ما بعد الحداثة - يبدو مشابها لميتافيزيقا عتيقة الطراز. ونفس الشيء مع الذات، التي لم تعد مسألة ثنايا سرية وأعماقا داخلية، ولكنها الآن مفتوحة للفحص والمشاهدة باعتبارها شبكة لا مركزية وليست روحا مراوغة بشكل غامض.
لم يكن هذا ينطبق على طريقة ما قبل الحداثة في تفسير العالم التي نعرفها بالقصص الرمزية. فالأشياء من منظور القصة الرمزية لا تحمل معانيها على وجوهها؛ بل لا بد من فهمها كرموز «لنص» ضمني أو حقيقة متوارية من نوع أخلاقي أو ديني في الغالب. فيرى القديس أوغسطينوس أن الاهتمام بالأشياء في حد ذاتها إنما يعكس أسلوبا شهوانيا منحلا للوجود؛ بل لا بد بدلا من ذلك أن نقرأها في إطار الرموز والدلالات، باعتبارها تشير إلى النص الإلهي الذي هو الكون، متجاوزة حدود نفسها. وتسير دراسة الرموز جنبا إلى جنب مع فكرة الخلاص، وينفصل فكر الحقبة المعاصرة عن هذا النموذج في جانب، فيما يظل ملتزما به في آخر. فلم يعد المعنى جوهرا روحانيا مدفونا أسفل سطح الأشياء. ولكنه يظل بحاجة للتنقيب عنه، إذ إن العالم لا يبوح به من تلقاء نفسه. ومن بين الأسماء التي تطلق على هذه المغامرة التنقيبية العلم، والذي يسعى من منطلق رؤية معينة له للكشف عن القوانين والآليات الخفية التي تعمل الأشياء بموجبها. ويظل هناك أعماق، ولكن ما لديه تأثير فعلي منها الآن هو الطبيعة وليس الألوهية.
بعد ذلك دفعت حركة ما بعد الحداثة تلك الحركة العلمانية خطوة أخرى للأمام. فهي تصر على أنه طالما لا يزال لدينا أعماق وجوهر وأسس، فإننا لا نزال في الحضرة المهيبة للإله، أي إننا لم نتخلص من فكرة الإله تماما حقا، بل ببساطة منحناها مجموعة من الأسماء المهيبة الجديدة، مثل الطبيعة والإنسان والعقل والتاريخ والنفوذ والرغبة، وما إلى ذلك. وبدلا من تفكيك تلك المنظومة الكاملة العتيقة للميتافيزيقا واللاهوت، قمنا ببساطة بمنحها محتوى جديدا. وليس بإمكاننا أن نتحرر إلا بالانفصال عن المفهوم الكلي للمعنى «العميق»، الذي سيغرينا دوما بملاحقة وهم معنى المعاني. وقطعا، لا يعني أن نكون أحرارا أن نكون أنفسنا؛ لأننا قمنا أيضا بتفكيك الجوهر الميتافيزيقي المعروف بالذات. ومن ثم يظل تحديد من سيمنح تلك الحرية من خلال هذا المشروع نوعا من الألغاز إلى حد كبير. وربما تكون حركة ما بعد الحداثة، بما لديها من نفور من الأسس المطلقة، قد قامت أيضا بتسريب مثل هذه القواعد المطلقة إلى المناقشة سرا. وهذه القواعد بالتأكيد ليست الإله أو العقل أو التاريخ، لكنها تتصرف على نفس النحو شبه المطلق. وعلى غرار القواعد المطلقة الأخرى، من المستحيل أن نتوغل تحتها، وهو ما يعرف لدى حركة ما بعد الحداثة بالثقافة. •••
تميل التساؤلات الخاصة بمعنى الحياة - حين تطلق على نطاق كبير - للظهور في الفترات التي تقحم خلالها الأدوار والمعتقدات والأعراف المسلم بها في أزمة. وربما لا يكون من باب المصادفة أن معظم الأعمال التراجيدية المتميزة تميل للظهور في تلك اللحظات أيضا. ولا يعني هذا إنكار أن سؤال معنى الحياة قد يكون سؤالا ساريا دوما. ولكن بالتأكيد لا يوجد انفصال بين ما يطرحه كتاب هايدجر «الوجود والزمن» من قضايا وبين حقيقة أن الكتاب قد تم تأليفه في فترة من فترات اللغط التاريخي تلك، إذ ظهر في أعقاب الحرب العالمية الأولى. كذلك نشر كتاب جان بول سارتر «الوجود والعدم» - والذي يتناول أيضا مثل هذه القضايا الخطيرة - في منتصف فترة الحرب العالمية الثانية؛ فيما ازدهرت الوجودية بشكل عام - بما تشمله من وعي بسخافة الحياة الإنسانية - خلال العقود التي أعقبت هذه الحرب. ربما يكون جميع الرجال والنساء يتفكرون في معنى الحياة؛ ولكن لأسباب تاريخية وجيهة، يساق البعض إلى التفكر فيه بمزيد من الإلحاح مقارنة بالآخرين.
إذا كنت مرغما على التحقيق في معنى الوجود على نطاق موسع، فمن المحتمل أن تسير الأمور في اتجاه الفشل. أما التحقيق في معنى وجود المرء نفسه فأمر مختلف، إذ قد يدعي أحدهم أن مثل هذا التأمل الذاتي جزء لا يتجزأ من مسألة عيش حياة كاملة. ومن ثم سوف يبدو ذلك الشخص الذي لم يسبق له أن سأل نفسه كيف تسير حياته وهل من الممكن أن تتحول إلى الأحسن مفتقدا للوعي الذاتي بشكل غريب. ومن المحتمل في تلك الحالة أن يكون هناك جوانب عدة لا تسير فيها حياته بشكل جيد كما قد ينبغي. فحقيقة أنه لا يسأل نفسه إلى أي مدى تتوافق الأشياء مع حياته إنما تشير إلى أنها لا تتوافق معها بشكل جيد كما ينبغي. أما إذا كانت حياتك تسير بيسر بشكل رائع، فإن من بين أسباب هذا هو أنك - على الأرجح - تفكر مليا من حين لآخر فيما إذا كنت بحاجة إلى إصلاح أو تغيير.
Halaman tidak diketahui