الأميرة الجليلة الفاضلة «نازلي هانم»
كريمة أبي الحرية والأحرار الأمير المرحوم مصطفى فاضل
لا يسع نطاق كتابي ترجمة حياة الأميرة الفاضلة، ولا نحن بصددها فأزين بها صحائفي، ولا أريد أن أستعيد هنا ما سبقني إليه الكاتبون من بيان أعمالها التي يفتخر بها أهل الفضل، ولكنني ذاكر طرفا مما وقع لها في إحدى زياراتها بالآستانة لوقوع ذلك بمقربة مني. وقد وددت أن أطبع صورتها في طالعة هذا الفصل. غير أن أهل الشرق عامة والعثمانيين خاصة لم يتعودوا هذا، وفي القلوب من التعصب ما يجعل عملي مستهجنا، ويستثير علي الأضغان؛ وبذا أحجمت عن مخاطبة الأميرة فيما كنت أتمناه، فلتبق صورتها بموضعها من التكريم في قلوب المعجبين بفضلها، ولتتكلم آثارها إذا سكت مادحوها.
أجل، تجاسرت الأميرة الفاضلة على شخص الاستبداد في حصنه المنيع، وعلى رأسه تاج الخلافة، وفي حركة شفتيه شقاء العباد وسعادتهم، فما بهرتها «جلالته» ولا هالها بطشه وقدرته، فتراءت له في صورتها الجميلة ونفسها الجليلة مرأى الشمس تنير الأبصار ولا تحدق إليها الأبصار، وكأن روح أبيها كانت تصحبها كلما تمثلت بين يدي الملك الظالم، وكأن روح أبيها كانت تشير إليها بما تخاطب به عدو أبيها وعدو أبنائه الأحرار.
إني ذاكر في هذا الفصل تعريب كتاب تركي كانت أنفذته الأميرة الفاضلة إلى عبد الحميد، فغصه وأسهده ، وسيبقى حجة عليه في كتاب تاريخه إلى آخر عهد الناس بالدنيا.
الكتاب كانت أنفذته الأميرة من القاهرة في 22 أوكتوبر سنة 1896، وذلك حين جاءها أن عبد الحميد ناقم عليها لحضورها بعض اجتماعات مؤتمر تركيا الفتاة الذي التأم في تلك الأيام بباريس. وقد تتابعت الوشايات يومئذ لعبد الحميد تحرضه كلها على الأميرة، وكانت حجة المستبدين في تخطئة فاضلة الشرق أنه لا يجمل بعقائل الإسلام أن يسافرن إلى بلاد النصارى ويخالطن أعداء الخليفة، ولو رزقهم الله أقل ما يرزق عباده من عقل أو إنصاف لفاخروا بها النساء من سالفات ولاحقات، ولقالوا إن التي خطبت الناس يوم الجمل لم تأثم، وقد أدى ذلك إلى سفك الدماء، فكيف تأثم من حضرت مؤتمرا ألف ليستخلص الوطن من يد قاتله؟!
صورة كتاب الأميرة الفاضلة إلى عبد الحميد نقلا عن جريدة «حذام» التي كان يصدرها شقيقي يوسف حمدي يكن:
القاهرة في 22 أوكتوبر سنة 1896
مليكي
قرأت مع الأسف الشديد في جرائد أوروبا التي وردت في هذا الأسبوع أن مولاي الأعظم غاضب علي غضبا شديدا، وعلمت أن السبب في غضبه حضوري مؤتمر «تركيا الفتاة» الذي عقد بباريس؛ ولهذا أرجو الإذن لي ببيان ما يدور بخلدي في هذا الباب.
Halaman tidak diketahui