Machiavelli: Pengenalan Ringkas
مكيافيللي: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
النقطة الأخرى التي أثار بها بورجا إعجاب وذهول مكيافيللي كانت تتعلق بالتعامل مع الأزمات العسكرية التي طرأت في رومانيا في نفس الوقت تقريبا. في بادئ الأمر كان الدوق مضطرا للاعتماد على لوردات المنطقة غير ذوي الشأن باعتبارهم الدعم العسكري الرئيسي له، لكن في صيف عام 1502 بات واضحا أن قادتهم - لا سيما من عائلتي أورسيني وفيتللي - لم يكونوا فقط غير جديرين بالثقة، بل كانوا أيضا يتآمرون ضده . فماذا ينبغي له أن يفعل؟ كانت أولى تحركاته أن تخلص منهم ببساطة عن طريق التظاهر بالتصالح معهم، حيث استدعاهم للقائه في مدينة سينيجاليا، ثم أجهز عليهم «جملة واحدة». وللمرة الأولى والأخيرة فقد مكيافيللي رباطة جأشه المتعمدة وهو يصف هذه المناورة، ويعترف بأنه «مندهش أشد الاندهاش من هذا التطور» (ت د 508). بعد ذلك، قرر بورجا أنه يجب ألا يستفيد في المستقبل أبدا من حلفاء خونة كهؤلاء، وإنما يجب عليه أن يؤسس قواته الخاصة. يبدو أن هذه السياسة - التي لم يكد أحد يسمع بها في هذا الوقت الذي كان جميع أمراء إيطاليا تقريبا يستخدمون فيه مرتزقة مأجورين في حروبهم - بدت لمكيافيللي على الفور باعتبارها خطوة استثنائية تتسم ببعد النظر؛ فهو يروي في استحسان واضح أن الدوق لم يقرر فقط أن يكون «أحد الأسس التي يبني عليها قوته هي أسلحته الخاصة» من الآن فصاعدا، لكنه بدأ أيضا عملية التجنيد بأعداد مذهلة، عندما «استعرض حالة خمسمائة جندي مسلح تسليحا جيدا، فضلا عن خمسمائة فارس خفيف التسليح» (ت د 419). ثم أوضح مكيافيللي بلهجة تحذيرية أنه «حريص على كتابة هذا كله أشد الحرص»؛ لأنه بات يعتقد أن «أي شخص مسلح تسليحا جيدا، وله جنوده، سيجد نفسه الرابح دائما، أيا كان الاتجاه الذي قد تتخذه الأحداث» (ت د 455).
بحلول عام 1510، بعد عقد من البعثات إلى الخارج، كان مكيافيللي قد توصل لرأيه النهائي بشأن معظم رجال الدولة الذين التقاهم، لكن ظل يوليوس الثاني وحده محيرا إلى حد ما بالنسبة له. فمن ناحية، كان إعلان البابا الحرب على فرنسا عام 1510 يكاد يبدو لمكيافيللي استهتارا جنونيا؛ فالأمر لم يكن يتطلب سعة خيال كي يرى أي امرئ أن «حالة العداء بين هاتين القوتين» قد تكون «أفظع البلايا التي يمكن أن تحدث» من وجهة نظر فلورنسا (ت د 1273). من ناحية أخرى، لم يكن يسعه ألا يأمل في أن يثبت يوليوس، باندفاعه الهائل، أنه المنقذ لإيطاليا وليس نكبتها المنتظرة. وفي نهاية الحملة ضد بولونيا، سمح مكيافيللي لنفسه بالتساؤل عما إذا كان البابا قد لا «يتمادى إلى ما هو أعظم من ذلك»، بحيث تجد «إيطاليا أنها قد أفلتت هذه المرة حقا من أيدي أولئك الذين خططوا لابتلاعها» (ت د 1028). بعد مرور أربع سنوات، ورغم ما شهدته الأزمة الدولية من تفاقم، كان مكيافيللي لا يزال يحاول درء مخاوفه المتزايدة من فكرة أن البابا، «كما حدث في حالة بولونيا»، قد «يجر الجميع نحو الهلاك إليه» (ت د 1244).
ولخيبة أمل مكيافيللي وفلورنسا، تمخضت مخاوفه عن تنبؤات أفضل من آماله؛ فبعد أن أنهك يوليوس في معارك عام 1511، تمثل رد فعله في إبرام تحالف غير وجه إيطاليا؛ ففي الرابع من أكتوبر عام 1511 وقع على «الحلف المقدس» مع فرديناند ملك إسبانيا، وكسب بذلك تأييد الجيش الإسباني في الحرب الصليبية ضد فرنسا. وما إن بدأت الحملات الجديدة عام 1512 حتى زحف عدد مهول من المشاة الإسبان إلى إيطاليا. في بادئ الأمر نجحوا في صد الزحف الفرنسي، وإجبار الفرنسيين على الانسحاب من رافينا وبارما وبولونيا وميلانو، والتراجع في نهاية المطاف إلى ما وراء ميلانو. ثم تحولوا نحو فلورنسا. لم تكن المدينة قد جرؤت على تحدي الفرنسيين، الأمر الذي جعلها لا تعرب عن تأييدها للبابا؛ فوجدت نفسها تدفع ثمن خطئها هذا غاليا؛ ففي التاسع والعشرين من أغسطس نهب الإسبان بلدة براتو المجاورة، وبعد ثلاثة أيام استسلم الفلورنسيون، وهرب «الجونفالونيري» سوديريني إلى المنفى، ودخلت عائلة مديتشي المدينة ثانية بعد غياب دام ثمانية عشر عاما، ثم حلت الجمهورية بعد بضعة أسابيع.
أفل نجم مكيافيللي مثلما أفل نجم النظام الجمهوري؛ ففي السابع من نوفمبر أقيل رسميا من منصبه في الهيئة الاستشارية الدبلوماسية، وبعد ثلاثة أيام حكم عليه بالحبس داخل الأراضي الفلورنسية لمدة عام، وكانت الكفالة مبلغا ضخما قوامه ألف فلورين. ثم في فبراير عام 1513، تلقى أسوأ ضربات القدر على الإطلاق؛ إذ اشتبه فيه بطريق الخطأ أنه شارك في مؤامرة فاشلة ضد حكومة مديتشي الجديدة، وبعد أن تعرض للتعذيب حكم عليه بالسجن ودفع غرامة ضخمة، وقد عبر عن ذلك حين اشتكى لاحقا إلى عائلة مديتشي في إهداء كتاب «الأمير»، قائلا إن «خبث القدر الهائل والمعهود» أطاح به بلا رحمة وعلى حين غرة (11).
الفصل الثاني
مستشار الأمراء
الحالة الفلورنسية
في وقت مبكر من عام 1513 سجلت عائلة مديتشي أروع انتصاراتها على الإطلاق. ففي الثاني والعشرين من شهر فبراير توجه الكاردينال جوفاني دي مديتشي إلى روما بعد علمه بوفاة يوليوس الثاني، وفي الحادي عشر من مارس خرج من اجتماع الكرادلة السري وهو في منصب البابا ليو العاشر. من ناحية، كان هذا يمثل ضربة أخرى لآمال مكيافيللي؛ لأنه أكسب النظام الجديد في فلورنسا شعبية غير مسبوقة؛ فجوفاني كان أول فلورنسي ينال منصب البابا، ووفقا لما رواه لوكا لاندوتشي - كاتب اليوميات الذي عاش في ذلك الزمن - ظلت المدينة تحتفل بإضرام النيران في الهواء الطلق وإطلاق المدافع طوال أسبوع تقريبا. لكن من ناحية أخرى، كان هذا التطور ضربة حظ جيد غير متوقعة لمكيافيللي؛ لأنه دفع الحكومة إلى إعلان عفو عام باعتبار ذلك جزءا من حالة الابتهاج العام، وأطلق سراح مكيافيللي.
وما إن خرج مكيافيللي من السجن حتى بدأ يخطط لكيفية تزكية نفسه للسلطات الجديدة في المدينة. كان زميله السابق فرانشيسكو فيتوري، قد عين سفيرا إلى روما، فكتب له مكيافيللي مرارا يحثه على أن يستخدم نفوذه «بحيث أبدأ في تولي بعض المهام من قداسة البابا» (م 244)، لكن سرعان ما اتضح أن فيتوري كان غير قادر على مساعدته، أو ربما غير راغب في ذلك. ولما ألم بمكيافيللي إحباط كبير، انسحب إلى مزرعته الصغيرة في «سانت أندريا» كي يكون (كما كتب إلى فيتوري) «بعيدا عن وجوه كل البشر» (م 516). ومن هناك بدأ لأول مرة يتأمل المشهد السياسي باعتباره محللا أكثر منه مشاركا فيه. في بادئ الأمر بعث برسائل طويلة وقوية الحجة إلى فيتوري عن الآثار المترتبة على استمرار التدخلات الفرنسية والإسبانية في إيطاليا، وبعد ذلك - كما أوضح في رسالة له بتاريخ العاشر من ديسمبر - بدأ يشغل فراغه القسري بأن يتفكر على نحو أكثر منهجية في خبرته الدبلوماسية ودروس التاريخ، ومن ثم في قواعد شئون الحكم.
شكل 2-1: صفحة العنوان لواحدة من الطبعات الفينيسية الأولى لكتاب «الأمير».
Halaman tidak diketahui