Abu al-Ala al-Ma'arri Zawbat al-Duhur
أبو العلاء المعري زوبعة الدهور
Genre-genre
وقام كليب إلى وائل
واضطهد الظاهر لإعزاز دين الله دعاة أبيه أشد الاضطهاد، فقتل منهم وصلب وسجن حتى رووا أنهم كانوا يقطعون رأس أحد هؤلاء الدعاة ويعلقونه على صدر أخته أو زوجته، فتفرق الدعاة تحت كل كوكب ولم يرتد منهم إلا القليل، ظلوا يناضلون سرا ولجأ أكثرهم إلى لبنان وسوريا الشمالية، فتواروا عن العيون، وبثوا دعوتهم ثم أقفل الباب.
وفي سنة 414 أذاع الظاهر لإعزاز دين الله وثيقة رسمية هاك ما جاء فيها نقلا عن كتاب الحاكم بأمر الله لعنان:
وذهبت طائفة من النصيرية إلى الغلو في أبينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه، غلت وادعت فيه ما ادعت النصارى في المسيح، ونجمت عن هؤلاء الكفرة فرقة سخيفة العقول، ضالة بجهلها عن سواء السبيل، فغلوا فينا غلوا كبيرا، وقالوا في آبائنا وأجدادنا منكرا من القول وزورا، ونسبونا بغلوهم الأشنع، وجهلهم المستفظع، إلى ما لا يليق بنا ذكره. وإنا لنبرأ إلى الله تعالى من هؤلاء الجهلة الكفرة الضلال، ونسأل الله أن يحسن معونتنا على إعزاز دينه، وتوطيد قواعده وتمكينه، والعمل بما أمرنا به جدنا المصطفى وأبونا علي المرتضى، وأسلافنا البررة أعلام الهدى. وقد علمتم يا معاشر أوليائنا ودعاتنا ما حكمنا به من قطع دابر هؤلاء الكفرة الفساق والفجرة المراق وتفريقنا لهم في البلاد كل مفرق، فظعنوا في الآفاق هاربين، وشردوا مطرودين خائفين.
ثم اعترف الظاهر إلى الله «بأنه وأسلافه الماضين وأخلافه الباقين مخلوقون اقتدارا، ومربوبون اقتسارا لا يملكون لأنفسهم موتا ولا حياة، ولا يخرجون عن قبضة الله تعالى، وأن جميع من خرج منهم عن حد العبودية والأمانة لله عز وجل، فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وأنه قد قدم إنذاره لهم بالتوبة إلى الله تعالى من كفرهم، فمن أصر فسيف الحق يستأصله.»
أسكتت قلعة الظاهر لإعزاز دين الله جميع حصون الدعوة لأبيه الحاكم بأمر الله، فاستحالت الصيحة الصاخبة همسا ونجوى فأصبح حديثها وشوشة في الخلوات.
إن القوة لا تعجز عن شيء مثل عجزها عن خنق العقائد؛ فإنها تكمن كمون النار تحت الرماد. وهذا الذي كان؛ فقد هرب جميع الدعاة من القاهرة وانتشروا في الأقطار يسرون النجوى، يكتمون سرهم حتى عن الآذان المشنفة كما يقول أبو العلاء:
ولا حل سري قط في أذن سامع
وشنفاه أو قرطاه يستمعان
كل الحصون سكنت إلا حصن المعرة الجبار فإنه ظل يعمل ويعلم، ويهاجم النصيرية متابعا الظاهر لإعزاز دين الله، يؤيد الدعوة الفاطمية الأصيلة ولا يؤمن إلا بنبيه «العقل» ولا يعتقد إلا بالخير، ولا يحرص إلا على النفس.
Halaman tidak diketahui