Pertempuran Arab di Andalus
معارك العرب في الأندلس
Genre-genre
ولم يسلم سبب طرده من الالتباس والخلاف فيه؛ فمنهم من يرجعه إلى حقد الملك عليه من أجل اليمين التي لقنه إياها في كنيسة برغش، ومنهم من يعود به إلى غاراته على طليطلة وإيقاعه بحلفاء عاهله، أو إلى طمعه في الثروة، وأنه أخذ مالا كثيرا من المعتمد بن عباد، ويتفق لويس برتران والمستشرق الألماني جوزف أشباخ على القول بأن فارسا ممتازا عظيم الكبرياء كثير المطامع مثل السيد لا يرضى أن يظل مغمورا في كنف ملك يبخسه حقه ويغار منه، فهو لا بد أن يختار هذا النفي بنفسه، ويقصد إليه قصدا إلم يفرض عليه، ليسعى وراء الشهرة التي يتعشقها، ويبني عليها قصور أحلامه.
ومهما يكن من شيء، فإن رذريق هجر موطنه نحو سنة 1081م، مبقيا زوجه وأولاده في بيفار، وسار برجاله إلى برشلونة، عارضا سيفه على أميرها رامون بيرنغر الثاني (Berenguer)
فلم يجد عنده قبولا، فتركه وولى وجهه شطر سرقسطة، فاتصل بصاحبها المقتدر بن هود، وكان حليفا لألفنس فأحسن وفادته.
وتوفي المقتدر في السنة نفسها، فانتقل الحكم من بعده إلى ولديه المؤتمن والمنذر، فولي الأول سرقسطة وأعمالها، والثاني دانية وطرطوشة (Tortosa)
ولاردة (Lerida) ، ثم نشب الخلاف بينهما، فاستنجد المنذر كونت برشلونة وملك أرغون مستنصرا بهما على أخيه فأمداه بالعساكر، فخرج إليهم رذريق بفرسانه وفرسان المؤتمن فاشتبك وإياهم في معارك دامية كتب له النصر فيها، فانهزموا أمامه، فطاردهم وأناخ على بلادهم فدمر وأتلف ونشر الروع بين المسيحيين والمسلمين، ويروى أنه أسر يومذاك بيرنغر كونت برشلونة، وكان هذا قد نذر دمه، فأبى إلا أن يقابله بالإحسان، معاملة الفارس الشريف لصنوه، فأطلق سراحه دون أن يطلب منه الفداء، ثم رجع إلى سرقسطة تظلله رايات المجد والظفر فاستقبلته المدينة هاتفة له، وأنزله المؤتمن منزل الكرامة، وصار المسلمون حلفاؤه يلقبونه بالسيد من ذلك الحين، غير أن لاوي بروفنسال يقول: إن لقب السيد ليس له ذكر في الروايات المسيحية القديمة ولا في الروايات العربية، وإنما يذكر لقب القنبطور، وفي ذلك ما فيه الشبهة كما لا يخفى.
ولم يطل حكم المؤتمن؛ فإنه توفي سنة 1085م فخلفه ابنه المستعين مترسما خطة أبيه في إكرام السيد والاعتماد على سيفه وخبرته، إلا أن الفارس القشتالي لم يهجر بلاده ليكون تابعا لأمير غير أميره، بل ليحقق أحلامه، وأي أحلام تراوده سوى الإمارة والسلطان؟ فرمى بعينيه إلى الولايات المجاورة يتفحصها، فوجد بلنسية أقربها منالا وأحكمها موقعا، فالقادر بن ذي النون ضعيف لا قبل له بالدفاع عنها، فانقض عليها بفرسانه فافتتحها، والظاهر أنه كان على اتفاق مع المستعين، ولم يشأ أن يخلع القادر بل استبقاه مراعاة للمسلمين، ووضعه تحت حمايته.
وأرسل في الوقت نفسه إلى ألفنس السادس يبايعه على الطاعة؛ لئلا يثير حفيظته، وبلنسية معدودة في جملة الإمارات الخاضعة لمملكته.
ومن الطبيعي أن لا يرتاح ألفنس إلى عمل السيد واستبداده بإمارة حليفه وتابعه، وهو ناقم على هذا الفارس الطريد ؛ فكيف يأمن جانبه إذا قويت شوكته في بلنسية وما جاورها؟ وقد كان حقيقا به أن يرميه بحملة تأديبية تنزع بلنسية من يده، وتحرر القادر من سلطانه، إلا أن الأحداث الخطيرة التي طرأت على الأندلس اضطرته إلى التغاضي عنه؛ ذلك أن المرابطين أخذوا يتقدمون في الولايات الجنوبية والشرقية ناثرين تيجان ملوك الطوائف، مغيرين على الأراضي الإسبانية، فالخطر الداهم أعظم من أن يحمل الملك القشتالي على التفكير في محاربة السيد ومعاقبته، وقد تكون الاستفادة من سيفه في مثل هذه الأحوال أولى وأنفع.
ولم يخطئ ألفنس في حدسه ونظره إلى الأمور؛ فإن السيد نفسه كان يشعر شعور مليكه، وتساوره المخاوف من زحف المرابطين وانتصاراتهم الصاعقة، فإذا بهذا الشريد المغامر يصبح بطلا قوميا لا هم له إلا أن يرد الأعداء الغرباء عن بلاده، ويحول دون تجدد النكبات التي شهدتها إسبانيا المسيحية في أوائل الفتح، ومن هنا تبتدئ حياته الوطنية اللامعة تتغنى بذكرها وتخلدها القصائد والأناشيد.
دخل المرابطون بلنسية، والسيد غائب عنها، فارتد إليها عندما بلغه الخبر، وهو مصمم على استرجاعها - مهما كلفه خطبها - ليجعل منها قلعة حصينة في وجه الملثمين تمنعهم من التوغل في الولايات الإسبانية، فنشط إلى تحصين القلاع الجبلية المحيطة بها وتعزيز حامياتها.
Halaman tidak diketahui