قبل أن أعود إلى مصر، ذهبت إلى «بورجوني
Bourgogne » مع ابنتي لرؤية عمتي العجوزين أو بالأحرى عمتي أبي. وقد وجدت العمة «بالمير»
91
قد شاخت كثيرا. لكنها كانت نشوى لرؤية الطفلة التي جنت بدورها فرحا. وكان هناك شيء جديد آخر: إذ كانت تحاول أن تطعم الأرانب ثمار الكشمش التي تقطفها من البستان، وكانت تلتقي في البساتين بثمرات القرانية ذات اللون الأحمر الجميل وسط اخضرار الأوراق، والتي يغدو لونها شديد السواد عند نضوجها.
أما في «سيمور
Semur » فقد استقبلت وكأنها ملكة صغيرة في القصر الريفي القديم حيث كان يربى فيه حوالي عشرين يتيما، والذي كانت العمة ماريا
92
تديره وتشرف عليه بطيبة نبيلة وذكية. في هذا البيت، حيث قضيت أنا الأخرى ردحا من الزمن مدللة و«مدلعة». لم يكن التلاميذ بالطبع هم أنفسهم، لكن الأرضيات الخشبية قد صقلت بحيث غدت جميلة وخطيرة، أما ملابس الأطفال فما تزال متشابهة، كما كانت «الكريما» التي تقدم مدهشة. لكن مكتب العمة لم يتغير، وكذلك الصالون الذي كنت أرى فيه كثيرا من الأسرار. كانت ابنتي تلعب في الحديقة، الحديقة نفسها التي كنت قد ترأست فيها الموكب الضخم لتعميد دميتي سيمون؛ كانت ثمار الحديقة طيبة المذاق، في حين كانت الدمية التي ألبست الثياب من أجل أمينة بالغة الروعة. كنت قد وضعت مشروعا للعودة مع طفلي ومع طه الذي سبق له أن جاء إلى هنا. لكن العمة ماريا توفيت بعد أربعة أعوام،
93
وما زلت أحلم بسيمور التي لن أراها أبدا. •••
Halaman tidak diketahui