وقد احتفظت دوما بذكرى الأزهار المتفتحة في بركة تقوم بين البلاط. من المؤكد أنني نظرت مطولا إلى البارثينيون والكارياتيد
245
في «الأرخيتون
Erechthéion »، إلا أنه لم يكن محظورا رؤية الأزهار النابتة بين الأطلال. كانت الأزهار هذه المرة هي أزهار البروق،
246
لم يسبق لي أن رأيت منها قط، والخزامى الأحمر ذا التويج القصير، الذي كان يكتسي لون الأرض بين أثينا «وثيبس
Thèbes »، وكذلك في أمكنة أخرى على وجه التأكيد، وأزهار البابونج المتواضعة في «دلف» حول نبع كاستاليا.
كانت رحلة ممتازة من أثينا إلى دلف. كانت الأرض ذات مظهر جليل في «كادميه
Cadmée »، وفوجئت في ثيبس، وسط صخب الأحاديث باليونانية، بتحية تلقى علي بالعربية كان يلقيها علي يوناني عاش غالبا زمنا طويلا في مصر، وتحية مؤثرة للغاية في لوفاديا؛ فقد كان حاكم مقاطعة «بيوتي
Béotie » ينتظرنا أمام بيته المتواضع، كان يقف إلى جانبه رئيس الأساقفة وقد أخذ يلمع صليبه الكبير تحت أشعة الشمس الجميلة. كنا نسير، منذ دخولنا المدينة، وسط هتاف تلاميذ المدارس، في حين كانت أصوات الأبواق واضحة، ووجهت إلي خطب وباقات الأزهار، وأقيم لنا غداء عائلي بصحبة الأسقف، وأحاطتنا ضيافة حقيقية وفق التقاليد القديمة. ثم غادرنا المقاطعة برفقة الموسيقى والهتاف الفرح؛ كان هذا الحاكم في منتهى الود، لا شك أنه كان موظفا قليل الثراء، لكنه كان فخورا بحق بمدينته وببلده، وقد كتب إلي - إلى القاهرة - كما أرسل لي صورا التقطت لنا في هذا اليوم المشهود (ولم تكن صورا صحفية).
Halaman tidak diketahui