Bersama Arab: Dalam Sejarah dan Mitos
مع العرب: في التاريخ والأسطورة
Genre-genre
ولو أن الراوية انتظر يوم رأى المخلوق اليمني ذاهبا وراجعا في السوق، وقد قطع عنه شقه الآخر، لو أنه انتظر هنيهة لرأى شقا آخر ينبت في موضع الشق المقطوع، ثم لرأى رأسا جديدا ينمو، ووجها جديدا ينمو، ويدين جديدتين تنموان، ولرأى الشخص يعود إلى ازدواجه وانقسامه على نفسه، فقال: سنة الحياة، سخر لها حتى الموت! ولن تجد لسنة الحياة تبديلا.
سراب وواحة
يتحدث الناس عن سفر من صقع في الأرض إلى صقع، وقل أن يتحدثوا عن سفر من عصر إلى عصر، ومن جيل إلى جيل.
ولكن صاحبنا هذا عربي من الجاهلية تخطى مسافة الوقت إلى القرن العشرين، أو هو عربي من القرن العشرين طوى الزمان القهقرى إلى الجاهلية.
وخاض الصحراء، ووقع عليه ليل كليل امرئ القيس أو الشنفرى، وسمع الذئاب تعوي، وانغمر بإحساس أفاضه عليه ما يحيق به من ظلام وفراغ، وخيل إليه أن الصمت حوله يتحدث بهمس وينادي بجهر، فأقام يتلقى الأصداء من صوب إلى صوب، وأصبح يقص القصص عن الجن والغيلان وشياطين الشعر.
إلا أن نهاره كان أجدى من ليله في صحرائه.
لقد اندفع يمشي، والشمس فوقه كرة من نار مشبوبة، تبسط تحته بساطا من لهيب، وتنشر في الفضاء أمامه بريقا يكد عصب العينين، وتسكب في حلقه الظمأ، فتساوي الدنيا عنده قطرة ماء، ويحلم بالسلسبيل الرقراق، وإذا هو يرى الدنيا تنبع له الماء حقا، على بعد غير بعيد، ويرى الماء يتألق صفاء ويدعوه، ويشهد مع الماء ألوانا كأغرب الألوان وأفتنها، فيستشعر الراحة وكأنه يحس بالنسيم البليل يمسح محياه، وبالعذب البارد يقع على غلته فينقعها.
ويسعى، يسعى شيقا لهفان، فلا يلحق بالماء حتى يهرب منه، ويتمثل له مرة أخرى، على بعد غير بعيد، صافيا، لامع الصفحة، محفوفا بعجائب الألوان، فيتبعه، ويظل يتبعه، حتى يعلم أنه السراب.
ثم ماذا؟ يقول للصحراء من حلق جاف وقلب ناقم: شد ما تعذبين أبناءك وتهزئين بهم يا قاسية، فتبقى الصحراء على صمتها الذي لا أثر فيه للحنان، ويضمحل السراب كالوهم الذي افتضح أمره.
فيحمل صاحبنا نفسه بعناد كعناد حب الحياة، ويمشي، والصحراء كأنها بساط لا يطوى وراءه حتى ينشر أمامه، وإذا به يجد نفسه قد أطل على خضرة ونضارة، فيتهم عينيه، ويتهم الصحراء، ويقول في أعماقه: سراب آخر! سراب آخر!
Halaman tidak diketahui