يسفهن الحليم إذا ومضنه
غدت حجج الكلام حجا غدير
وشيكا ينعقدن وينتقضنه
لعل الظاعنات عن البرايا
من الأرواح فزن بما استعضنه
وللأشياء علات ولولا
خطوب للجسوم لما رفضنه
وغارت لانصرام حيا مياه
وكن على ترادفه يفضنه
أرأيت إلى هذه القصيدة التي لم تسرف في الطول، ولم تسرف في شيء من الأشياء كيف ألمت بألوان مختلفة من هذه الفلسفة المظلمة، التي أنفق فيها الشيخ حياته؟ بدأت بالأسف والحزن، وانتهت باليأس والقنوط، وافتن الشيخ بين ذلك في ألوان من التفكير، منها ما يصور الحذر والاحتياط، ويحاول تطهير النفس مما يراه العقل والدين إثما، ومنها ما يصور التواضع والاعتراف بالقصور، ومنها ما يصور الثورة على الناس لا على الله؛ وهي على كل حال، وفي كل فن من الفنون التي ألمت بها لا تخلو من هذه الشخصية القوية الضعيفة، الثائرة الهادئة، المتكبرة المتواضعة، شخصية أبي العلاء.
Halaman tidak diketahui