فالذي عليه جمهور الأمة أنه حجة، هذا قول جمهور الحنفية، صرح به محمد بن الحسن، وهو مذهب مالك وأصحابه، وإسحاق وأبي عبيد ومنصوص أحمد ومنصوص الشافعي في القديم والجديد.
والذين قالوا ليس بحجة قالوا: لأن الصحابي مجتهد يجوز عليه الخطأ، ولأن الأدلة الدالة على بطلان التقليد تعم تقليد الصحابي ومن دونه، ولأن التابعي إذا أدرك عمر الصحابة اعتد بخلافه، فكيف يكون قول الواحد حجة عليه، ولأن الأدلة قد انحصرت في الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستصحاب، وقول الصحابي ليس واحدا منها، ولأن امتيازه بكونه أفضل وأعلم لا يوجب وجوب اتباعه على مجتهد آخر من التابعين.
فنقول: الكلام في مقامين:
أحدهما: في الأدلة الدالة على وجوب اتباع الصحابة ﵃
الثاني: في الجواب عن شبه النفاة.
أما الأول فمن وجوه:-
الوجه الأول:
ما احتج به مالك، وهو قوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾ ١ الآية، فوجه الدلالة أن الله سبحانه أثنى على من اتبعهم، فإذا قالوا قولا فاتبعهم متبع عليه قبل أن يعرف صحته فهو متبع لهم، ولو كان تقليدا محضا كتقليد بعض
_________
١ سورة التوبة آية: ١٠٠.
1 / 6