Perbincangan Ilmiah dan Sosial
مباحث علمية واجتماعية
Genre-genre
وقد بسط الكلام على هذه الأسباب، قال: «وقال قوم من العلماء إن من أسباب الشبه ما يتمثل عند العلوق في وهم الرجل أو المرأة من الصور الإنسانية تمثلا متمكنا. أقول [والقائل الرازي] والذي يدل على صحة ذلك وجوه؛ أحدها: أنا نرى الحيوانات البرية قريبة التشابه بعيدة عن الاختلاف، ونرى الصور الإنسانية قوية الاختلاف بعيدة التشابه، ونرى الحيوانات الأهلية متوسطة في ذلك؛ وما ذلك إلا لأن الإنسان بسبب إحساساته وتخيلاته الكثيرة تختلف صور أولاده، وأما الحيوانات فتخيلاتها قليلة جدا؛ فالحيوانات البرية لما كانت محسوساتها قريبة التشابه لا جرم كانت إحساساتها كذلك، وكانت صورها متشابهة، وأما الحيوانات الأهلية فلما كانت محسوساتها مختلفة وتخيلاتها قليلة، كانت في التشابه والاختلاف في حد التوسط. وثانيها: أنا نرى الإنسان تختلف أحوال بدنه بحسب اختلاف أحواله النفسانية من الغضب والفرح وأمثالهما، فما المانع أن يكون لذلك أثر في اختلاف الزرع؟ وثالثها: أن الرعاة يشهدون لاختلاف حال الأنعام بحسب اختلاف محسوساتها في الألوان والأحوال، وإذا صح ذلك ثبت ما أمر به الصادق المصدق من أن الإنسان ينبغي أن يتخيل حال المباشرة صور الصديقين الصالحين.»
ومثل ذلك قال ابن سينا في كلامه على الإذكار، حيث ذكر أن الإذكار هو في حرارة زرع الذكر وغزارته وثخنه، أي في غلبته على زرع الأنثى، وفي البلد والفصل، ومما قاله في ذلك: «إن الريح الشمالية تعين على الإذكار، والضد على الضد.» وما قال ذلك إلا لاعتقادهم أن الريح الشمالية تجفف الأبدان. ثم ذكر تأثير الأحوال النفسانية واستحضار الصور في الذهن عند المباشرة على نحو ما ذكره الرازي، قال: «ويكون الإنسان في أسر حال وأطيب نفس وأبهج مثوى، ويفتكر في الإذكار، ويحضر ذهنه الذكران الأقوياء ذوي البطش، ويقابل عينيه بصورة رجل منهم على أقوم خلته وأنبل هيئته.» وليس في هذا الأمر شيء من الغرابة إذا اعتبرنا ما تقدم من تأثير الأحوال النفسانية وسواها في التغذية، إنما لا ينبغي أن يطمع فيه بأكثر مما تقتضيه الأحوال؛ لكثرة الأسباب التي تعترض ذلك، وثانيا لأن أثر الأشياء، وإن يكن ينطبع على الأعضاء، إنما لا يثبت فيها إلا على مقدار ملازمة عامله لها، ويضعف كلما كان مفارقا.
ومما ذكر الرازي في ذلك قوله: «والذكر من الأجنة تمام تكون خلقته أسرع من تمام تكون الأنثى؛ وذلك لأن الذكر أقوى حرارة وأقل رطوبة؛ فالزرع الذي هو مادته يكون كذلك.» وهو نتيجة لازمة لما قدمه هو وديوزن في سبب الإذكار والإيناث. ولعل علم تولد الأجنة يثبت ذلك؛ فإن المولودين في الشهر السابع يغلب كونهم ذكورا. نقول ذلك عن ظن لا عن يقين.
واعلم أن التغذية المفرطة وقلة الحركة ربما أورثا العقر أيضا؛ لما ينشأ عن ذلك من احتباس العضلات وضعف القوة الحيوية. ودليلنا قلة نتائج الحيوانات المسمنة التي لا تعمل في الأرض، بخلاف القضيفة المجهودة في الأعمال الشاقة، فإنها كثيرة النتاج غالبا؛ ولذلك كان يكثر العقر في المنعمين القليلي الرياضة المكثرين من الغذاء؛ ولهذا كان أحسن علاج لهم الإقلال من غذائهم والإكثار من حركتهم، حتى تنشط أبدانهم، وتعتدل قواهم، وتحسن أفعالهم؛ أي تنتظم وظائفهم.
وفي هذا المعنى أيضا
4
قال بقراط: «لكل شيء سبب طبيعي، وبدون سبب طبيعي ليس يكون شيء .» وكلما تعمق العلماء في مباحثهم تحقق لهم صدق هذا القول. ولقد طالما عد الناس تولد الذكر والأنثى من الأسرار التي يقصر العلم من إدراكها، والظاهر أن هذه المسألة، كسواها من المسائل الطبيعية، لا تخرج عن هذا القيد؛ فقد ذكر «هكل» من عهد غير قريب في كتابه الأنثروبولوجينا، وكتابه تاريخ الخلق الطبيعي، أن التذكير والتأنيث من أفاعيل التغذية. وقد ذكرت الجرائد في هذه الأثناء كتابا لأحد العلماء المدعو ديوزن، طرق صاحبه فيه باب البحث عن سبب التذكير والتأنيث، وقال فيه إن زيادة الغذاء وشدة التغذية سبب تولد الأنثى، وقلة الغذاء وضعف التغذية سبب تولد الذكر. وقد أورد على ذلك براهين كثيرة وأدلة مختلفة. وقد ذكر المقتطف في عدده الماضي تحت عنوان «سر التذكير والتأنيث» ملخص هذا الكتاب بأوفى بيان وأحسن أسلوب، ومرادنا هنا أن نذكر ثلاثة أدلة ترجيحا لهذا القول، وهي:
أولا:
أن النحل إذا ماتت ملكته عمد إلى نحلة من النحل الجاني، الذي ليس بذكر ولا أنثى، وحولها إلى أنثى تقوم مقام الملكة التي ماتت؛ وذلك بوضعها في بيت خصوصي أكبر من سائر بيوته، وبالاعتناء بغذائها والزيادة فيه. ومعلوم أن بيض النحل الغير الملقوح يولد الذكور، والملقوح يولد الإناث، ومعلوم كذلك أن البيضة من الكائنات الحية التي تغتذي، وأن اللقاح من الغذاء، وهذا كله دليل بين على أن الجنسية نتيجة التغذية.
ثانيا:
Halaman tidak diketahui