Perbincangan Ilmiah dan Sosial
مباحث علمية واجتماعية
Genre-genre
هذه بضاعتنا ردت إلينا ، وتذبل عيون المسيل كأنها تتذكر الآية
إنا لله وإنا إليه راجعون .
فإذا انقضى الشتاء انبسط وجه السماء، وافتر له ثغر البسيطة باسما، وبرزت الأرض كالعروس تتهادى بحلة سندسية، وأخضلت الغصون كأنها القدود، وقد لانت وتمايلت طربا كأنها الخصور وقد دقت، أو القلوب وقد رقت، وتفتقت الأنوار من أكمامها كأنها وجوه الحسان وقد برزت من حجابها، وفاح أرج الأزهار على نغم الأطيار، فانتعشت لها الأنفاس كأنها الأعراس والكل فيها فرحون.
فإذا انقضى الربيع أقبلت الطبيعة مثقلة كالرجل وقد فارق زمن الصبا، وأقبل على زمن الجد والكد، ينظر إلى ما زرعه في ماضيه، وما يحصده في حاضره، وما سيدخره لمستقبله.
فإذا انقضى الصيف جاء الخريف بذبوله واصفراره، كالشيخ وقد فرغ منه الأمل، يتوقع حلول الأجل. وهكذا ينتهي الحول ويرجع الدور.
وفي وسط ذلك كله قائم ذلك الكائن العجيب ملتقى النقيضين، ومجتمع الضدين، أضعف من النبات والحيوان في بنيانه، وأقوى الكائنات بمستنبطات جنانه، عاقل جاهل، يرتفع بأفكاره تارة إلى السها حتى يقال:
إن هذا إلا ملك كريم ، وينحط بأعماله طورا إلى الحضيض حتى يقال: «إن هذا إلا شيطان رجيم.» حيوان إلى أقصى درجات الحيوانية وما هو بحيوان، إله إلى حد المعجزات وما هو من سكان الجنان؛ ذلك هو الإنسان.
وقف على البسيطة عاريا جائعا خائفا كأن أصله ليس من هذا المكان، وذهل أنه هو الإنسان «المطرود من الجنان»، البرد يؤذيه، والحر يعييه، والجوع يضنيه. فسكن المغائر، وخصف أوراق الشجر عليه، ورعى النبات كالسائمة، وأكل أشلاء الحيوان كالكواسر.
نظر إلى الحيوان فراعه ما رآه فيه من القوة واكتمال العدة، فارتعدت فرائصه خوفا منه، وليس له براثن تقيه أو مخالب تحميه، فعمد إلى كهوف الأرض يختبئ فيها عنه، وتسلق الأشجار العالية هربا منه.
عمد إلى الحجارة يحكها حكا ليصنع منها سلاحا يذود به عن نفسه، ويسطو به على سواه. فاخترع السلاح واهتدى إلى الصيد، وتطاير الشرار من احتكاك الحجارة فاكتشف النار، واهتدى إلى أكل طعامه مشويا بعد أن كان يأكله نيا، وكان ذلك أول «اختراع» وأول «اكتشاف».
Halaman tidak diketahui