ولما كان منظور نظره [فتح على شاه] تخليص قلعة مشهد الرضا عليه التحية والثناء ومعاقبة نادر ميرزا، فقد قرر بأن يقوم جمع من المشاة الباعثين للبرق مع الحرس المكلف بالحراسة فى حصن نيسابور، وبأن يقصد الموكب العالى التحرك من ذلك الأقليم الواسع الجميل، وأرسل جعفر خان بيات رسالة فى الخفاء لأبناء أعمامه بأن يضعوا قدم الجلادة فى طريق المخالفة حتى يتمكنوا ولا يعطوا الطريق للجيش المنصور إلى القلعة، وحتى تتيسر فلا يضعوا قدما على جادة الإطاعة، وبسبب صدور هذا الأمر، عصت نائرة غضب نار اللهب السلطانى رأس الأسد المتحير، ولأن رحمته سابقة على غضبه، فقد أرسل أولا إلى القلعة الحاج إبراهيم خان الشيرازى والوزير ميرزا محمد شفيع من أجل إتمام الحجة والبرهان لأهل القلعة، فأضاءت أنوار نصيحة الناصحين الأمناء ظلمة قلب المدعو حسين قلى بك، وهو من بنى أعمام جعفر خان، فهدأ أهل القلعة، وأسرع إلى البلاط آملا فى اللجوء، وقصد أهالى القلعة مجددا بادية اللجاج والعناد بعد رحيل حسن قلى بك، فصدر الأمر المقدر بالنفاذ بالإغارة على خارج القلعة ومحاصرة نيسابور، وهجم جيش البحر ذو الموج السليمانى مثل البلاء السمائى على أطراف المدينة، وأحاطوا بالقلعة، وأشعلوا النار الظالمة فى أطراف المدينة ورفعوا راية النهب والغنيمة، فصار جعفر خان مهموما، وبهدف استمالة أهالى القلعة سمح بالمساعدة، وأصدر الخاقان فاتح البلاد الأمر لابن [جعفر خان] مع حسين قلى بك بالتوقف فى الركاب، وسمح له بالانصراف، ودخل القلعة، وبسبب خيانة النفس، أطلق يده باستعمال آلات الحرب، ففاض بحر قهر الحضرة العلية الظل الإلهى، ووصل الموج إلى الأوج، وبأمر بطل فلك المهابة حطموا طلسم جسم ابن جعفر خان فى بعضه بضربة السيف الحديدى، وقطعوا أعضاءه إربا إربا [ص 52] وألقوها على ساهرة الأرض، ولونوا الأحجار والطين من دمه، وأرسلوا الرأس واليدين والقدمين التى كانت فى الواقع مقطوعة بيد جهل جعفر خان وكانت مليئة بشباب وروح ابنه- إلى والده الجوهر السيئ، وصار حسين قلى بك ابن عمه معززا بلقب خان، وزينت كتفيه وطرز صدره بخلاع الشمس المشرقة. وأصدر (الخاقان) الأمر للجيش بإخضاع قلعة نيسابور، فكانت ساحة قلعة نيسابور فى كل صبح مليئة باللهب من نيران المدفعية والبنادق، فظهرت فتنة يوم البعث لسكان ذلك المكان، وحبسوا القنوات الجارية بيد الظلم، وضربوا الأشجار المثمرة وخلعوها من جذورها ببلطة الجفاء وسيف الظلم، وظل أهالى القلعة أسرى لمدة أربعين يوما فى طرة العذاب وعقبات العقاب. وفى النهاية، أتى الأمان من طول الزمان، فأوصلوا التأوهات والصراخ إلى السماء، وبإدراك ذلك الضرر الذى كان من نتائج أعمال جعفر خان، أرسل المتأوهون والصارخون الحاج روح الأمين، الذى كان من بين فضلاء ومشاهير تلك الأرض، مع واحد من بنى أعمام جعفر خان إلى بلاط بطل العصر المؤسس على العدل من أجل طلب الأمان، وتمنوا العفو والصفح وطلبوا المرحمة الملكية، فقبل ملتمس أهل المدينة، وكلف الشيخ المعلم" على أصغر" باستمالة أهل نيسابور، وبعد وصوله، توجه جعفر خان بوجه المعوذة إلى البلاط، وجعل جبينه على تراب عتبة حارس كوكب زحل.
وعلاوة على العفو عن تقصيراته، أنعم [الخاقان] عليه بالخلاع المزينة بأشعة الشمس والنور، وجعله مفتحرا ومتباهيا بمنشور حكومة نيسابور، وسمح له بالانصراف من بلاط صاحب المعدلة الملكية، وكلف تراب خان البروجردى مع جمع من حملة البنادق من ركاب الهمايون لحراسة نيسابور.
Halaman 82