بعد انقضاء حفل النوروز المنتصر، توجه الخاقان فاتح البلاد إلى ساحة الدنيا المضيئة لأداء مهمات الملك، ولأنه قد جعل زلال عفوه مطهرا لجرائم صادق الشقاقى فقد جلس على متكأ حكومة سراب وكرمرود بحكم التوقيع [ص 36] الخاقانى الموقع، وفى تلك الأوقات- التى كان فيها جعفر قلى خان الدنبلى مفتخرا بولاية تبريز وخوى من مربى الدولة المطرزة بالخلود- سمح الحضرة العلية الخاقانية له بالانصراف من الركاب، وقدم إلى تبريز عن طريق مراغه، فوضع صادق خان لبنة العداوة مع جعفر قلى خان بسبب خيانته الباطنة والعداوة السابقة التى كانت له معه، فأحضر هو أيضا (جعفر قلى خان) جمعا، وهجم على طائفة شقاقى، وخرب سراب، ولم يحتمل صادق خان حرارة المقاومة، وترك الوطن المألوف، ولوى عنانه إلى طريق مغان (موغان)، وقصد من هناك ناحية شيروان، وكان لفترة فى تلك الحدود مضطربا الحال وحائرا ومستمرا فى هذا الخيال، وهو لأن جعفر قلى خان حرم من البلاط الخاقانى لارتكابه الخيانة، ولأن جعفر قلى خان أخذ النصيب الزائد على القبول من مائدة عوارف الحضرة العلية، وبسبب ضيق الوعاء سحب رأسه من العبودية التى كانت عين الحرية، وأدرك صادق خان هذا المعنى، وفتح عليه طريق المجى ء والذهاب وأسرع من شيروان إلى سراب ووضع لبنة الوسوسة مع جعفر قلى خان، وتبعهم محمد خان الأفشارى نظرا لانعدامه من العقل وعدم تميزه وفتور رأيه وضعف نفسه- بالتملقات البلهاء والأطوار السفيهة، وجرأهم خبر فتنة محمد خان الزندى، وأوصلوا أنغام الخلاف إلى آذان الموالين والمعارضين، وردوا على خطاب حراس السلطان وصار كل واحد منهم مهيأ المعيشة فى مروج تبريز وآرومية وسراب مع الجيش الذى كان لهم فى حكم جماعة الغراب وفى مثال السراب، وتوهموا أن الأمر مهيأ لهم، فدفعوا الغم عن القلب، ورفعوا لواء العصيان، وعندما رأى حسين قلى خان- وهو ابن أخى محمد خان الأفشارى- عمه فى العمى والضلال، ابتلع غمه وحزنه، وسلك طريق الحضرة العلية، وبعد السماح له بتلثيم العتبة العلية فى موطئ سرير عرش الهمايون، عرض حقيقة الحال، فعطف عليه الخاقان فاتح البلاد، وجزم العزم على معاقبة العصاة.
Halaman 66