76

معارج القبول بشرح سلم الوصول

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Penyiasat

عمر بن محمود أبو عمر

Penerbit

دار ابن القيم

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Lokasi Penerbit

الدمام

Genre-genre

"بَلْ خَلَقَ" اللَّهُ تَعَالَى "الْخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ" ﷿ بِمَا شَرَعَهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ "وَ" مَعَ عِبَادَتِهِمْ إِيَّاهُ لَا يُشْرِكُونَ بِعِبَادَتِهِ أَحَدًا كَائِنًا مَنْ كَانَ بَلْ "بِالْإِلَهِيَّةِ يُفْرِدُوهُ" دُونَ مَا سِوَاهُ فَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى أَلْفَ سَنَةٍ ثُمَّ أَشْرَكَ بِهِ لَحْظَةً مِنَ اللَّحَظَاتِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ حَبِطَ جَمِيعُ عَمَلِهِ وَصَارَ هَبَاءً مَنْثُورًا حَيْثُ أَشْرَكَ مَعَ اللَّهِ فِي عِبَادَتِهِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ مَخْلُوقٌ لِعِبَادَةِ اللَّهِ ﷿. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذَّارِيَاتِ: ٥٦] قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁: أَيْ: إِلَّا لِآمُرَهُمْ أَنْ يَعْبُدُونِ وَأَدْعُوَهُمْ لِعِبَادَتِي١. يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ ﷿: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التَّوْبَةِ: ٣١] وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: إِلَّا لِيَعْبُدُونِ إِلَّا لِيُقِرُّوا بِعِبَادَتِي طَوْعًا أَوْ كَرْهًا٢. وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمُجَاهِدٌ: إِلَّا لِيَعْرِفُونِ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: أَيْ: إِلَّا لِلْعِبَادَةِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا. وَقَالَ السُّدِّيُّ: مِنَ الْعِبَادَةِ مَا يَنْفَعُ وَمِنْهَا مَا لَا يَنْفَعُ. ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لُقْمَانَ: ٢٥] فَهَذَا مِنْهُمْ عِبَادَةٌ وَلَا يَنْفَعُهُمْ مَعَ الشِّرْكِ وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ ا. هـ. مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ٣. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَسُفْيَانُ: هَذَا خَاصٌّ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ٤ يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" ثُمَّ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٧] وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَا خَلَقْتُ السُّعَدَاءَ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِلَّا لِعِبَادَتِي وَالْأَشْقِيَاءَ مِنْهُمْ إِلَّا لِمَعْصِيَتِي. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: هُمْ عَلَى مَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنَ الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِلَّا لِيَخْضَعُوا لِي وَيَتَذَلَّلُوا. وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ فِي اللُّغَةِ التَّذَلُّلُ وَالِانْقِيَادُ فَكُلُّ مَخْلُوقٍ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ خَاضِعٌ لِقَضَاءِ اللَّهِ وَمُتَذَلِّلٌ لِمَشِيئَتِهِ وَلَا يَمْلِكُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ خُرُوجًا عَمَّا

١ تفسير البغوي "٥/ ٢٣٠" وقد ذكره دون سنده. وليس هو عند ابن كثير "في المطبوع". ٢ ابن جرير "٢٧/ ١٢" وابن أبي حاتم "الدر المنثور ٧/ ٦٢٤" وفيه انقطاع بين علي وابن عباس ﵄. ٣ تفسير ابن كثير. ٤ انظر فتح القدير للشوكاني "٥/ ٩٢".

1 / 82