362

معارج القبول بشرح سلم الوصول

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Editor

عمر بن محمود أبو عمر

Penerbit

دار ابن القيم

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Lokasi Penerbit

الدمام

Genre-genre

الْأَعْلَى وَالْكَمَالُ الْمُطْلَقُ وَلَا مِثْلَ لَهُ أَصْلًا: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ٥٢] انْتَهَى كَلَامُهُ بِحُرُوفِهِ.
قُلْتُ قَوْلُهُ: مَنْ ذَا الَّذِي عَايَنَهُ فَنَعَتَهُ، هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ تَعَالَى فِي الْجَنَّةِ عِيَانًا بِأَبْصَارِهِمْ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ نَعْتَهُ تَعَالَى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ . ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: مَنْ ذَا الَّذِي أَحَاطَ بِهِ عِلْمًا فَنَعَتَهُ، وَقَوْلُهُ الثَّانِي أَنَّ ظَاهِرَهَا الَّذِي يَتَشَكَّلُ فِي الْخَيَالِ الْخَ قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا التَّصَوُّرَ الْفَاسِدَ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ جَهَلَةُ النُّفَاةِ عَلَى مَا صَنَعُوا مِنَ النَّفْيِ حِينَ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ظَاهِرِهَا إِلَّا مَا يَقُومُ بِالْمَخْلُوقِ وَلَمْ يَتَدَبَّرُوا مَنْ هُوَ الْمَوْصُوفُ فَأَسَاءُوا الظَّنَّ بِالْوَحْيِ، ثُمَّ قَاسُوا وَشَبَّهُوا بَعْدَ أَنْ فَكَّرُوا وَقَدَّرُوا ثُمَّ نَفَوْا وَعَطَّلُوا، فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ.
"قَدْ أَفْصَحَ الْوَحْيُ الْمُبِينُ" مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَذَلِكَ الصُّحُفُ الْأُولَى عَنْهُ" غَايَةَ الْإِفْصَاحِ وَشَرَحَهُ اللَّهُ ﵎ أَكْثَرَ مِنْ شَرْحِ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ لِعِظَمِ شَأْنِ مُتَعَلِّقِهِ، "فَالْتَمِسْ" اطْلُبْ "الْهُدَى الْمُنِيرَ" أَيْ: مِنَ الْوَحْيِ الْمُبِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ إِلَّا مِنْهُ، وَمَنْ خَرَجَ عَنِ الْوَحْيِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ضَلَّ وَغَوَى وَلَا بُدَّ، فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِلَّا مَا عَلَّمَنَا هُوَ، فَنُصَدِّقُ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَأَخْبَرَتْ بِهِ رُسُلُهُ عَنْهُ كَمَا نَنْقَادُ وَنُسَلِّمُ وَنَمْتَثِلُ لِمَا أَمَرَ، وَنَجْتَنِبُ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ، بَلْ إِنَّ تَأْوِيلَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ أَخَفُّ جُرْمًا مِنْ تَأْوِيلِ مَعَانِي الرُّبُوبِيَّةِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَالتَّكْذِيبَ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ دُونَ التَّكْذِيبِ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْعُلَى وَأَخْبَرَتْ عَنْهُ بِهِ رُسُلُهُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ جُرْمَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَظِيمٌ. أَعَاذَنَا اللَّهُ وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الزَّيْغِ وَالضَّلَالِ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.
لَا تَتَّبِعْ أَقْوَالَ كُلِّ مَارِدِ ... غاو مضل ما رق مُعَانِدِ
فَلَيْسَ بَعْدَ رَدِّ ذَا التِّبْيَانِ ... مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْإِيمَانِ
"لَا تَتَّبِعْ" أَيُّهَا الْعَبْدُ "أَقْوَالَ كُلِّ مَارِدٍ" عَلَى بِدْعَتِهِ وَزَنْدَقَتِهِ وَاتِّبَاعِ هَوَاهُ، "غَاوٍ" زَائِغٍ فِي دِينِهِ مَفْتُونٍ فِي عَقِيدَتِهِ "مُضِلٍّ" لِغَيْرِهِ "مَارِقٍ" مِنَ الْإِسْلَامِ "مُعَانِدٍ"

1 / 368