معارج القبول بشرح سلم الوصول
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Penyiasat
عمر بن محمود أبو عمر
Penerbit
دار ابن القيم
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Lokasi Penerbit
الدمام
Genre-genre
الْجِنِّ: ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الْجِنِّ: ١٠] فَبَنَى الْفِعْلَ فِي إِرَادَةِ الشَّرِّ لِلْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَرَّ فِي حَقِّهِ تَعَالَى وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ وَسْعَدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ والشر لَيْسَ إِلَيْكَ" ١ فَنَفَى أَنْ يُضَافَ الشَّرُّ إِلَى اللَّهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ خَالِقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَرًّا مِنْ جِهَةِ إِضَافَتِهِ إِلَيْهِ ﷿، وَإِنَّمَا كَانَ شَرًّا مِنْ جِهَةِ إِضَافَتِهِ إِلَى الْعَبْدِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرَّ لَيْسَ إِلَّا السَّيِّئَاتِ وَعُقُوبَتَهَا، وَمُوجِبُ السَّيِّئَاتِ شَرُّ النَّفْسِ وَجَهْلُهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا" ٢ وَقَالَ ﷺ فِي سَيِّدِ الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي عَلَّمَهُ أُمَّتَهُ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ" ٣، وَقَالَ تَعَالَى فِي حِكَايَتِهِ اسْتِغْفَارَ الْمَلَائِكَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ: ﴿وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [غَافِرٍ: ٩] وَمَنْ وَقَاهُ اللَّهُ السَّيِّئَاتِ وَأَعَاذَهُ مِنْهَا فَقَدْ وَقَاهُ عُقُوبَتَهَا مِنْ بَابِ الِاسْتِلْزَامِ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ مُوجِبَ السَّيِّئَاتِ هُوَ الظُّلْمُ وَالْجَهْلُ وَذَلِكَ مِنْ نَفْسِ الْعَبْدِ وَهِيَ أُمُورٌ ذَاتِيَّةٌ لَهَا، وَأَنَّ السَّيِّئَاتِ هِيَ مُوجِبُ الْعُقُوبَةِ وَالْعُقُوبَةُ مِنَ اللَّهِ عَدْلٌ مَحْضٌ، وَإِنَّمَا تَكُونُ شَرًّا فِي حَقِّ الْعَبْدِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ أَلَمِهَا، وَذَلِكَ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ جَزَاءً وِفَاقًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشُّورَى: ٣٠] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ [الزُّخْرُفِ: ٧٦] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [يُونُسَ: ٤٤] فَأَفْعَالُ اللَّهِ ﷿ كُلُّهَا خَيْرٌ بِصُدُورِهَا عَنْ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ وَغِنَاهُ الَّتِي هِيَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، فَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ أَعْطَاهُ مِنْ فَضْلِهِ عِلْمًا
١ مسلم "١/ ٥٣٥/ ح٧٧١" في صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه.
٢ مسلم "٢/ ٥٩٣/ ح٨٦٧" في الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة وقد تقدمت.
٣ البخاري "١١/ ٩٧-٩٨" في الدعوات، باب أفضل الاستغفار.
وأحمد "٤/ ١٢٢-١٢٥".
1 / 226