معارج القبول بشرح سلم الوصول

Hafiz ibn Ahmad Hakami d. 1377 AH
140

معارج القبول بشرح سلم الوصول

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Penyiasat

عمر بن محمود أبو عمر

Penerbit

دار ابن القيم

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Lokasi Penerbit

الدمام

Genre-genre

﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾ [طه: ١١٢] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ [الْأَنْعَامِ: ١٤] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذَّارِيَاتِ: ٥٦-٥٨] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [فَاطِرٍ: ١٥] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه: ١١] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشُّورَى: ١١] . وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَهَذَانِ الْمَعْنَيَانِ مِنَ الْعُلُوِّ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِمَا أَحَدٌ مِمَّنْ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ وَيَنْتَسِبُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا ضَلَّ مَنْ ضَلَّ مِنْهُمْ وَأَخْطَأَ فِي التَّنْزِيهِ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُهُ حَيْثُ لَمْ يَسْلُكِ الطَّرِيقَ الْمُوَصِّلَةَ إِلَيْهِ، وَأَحْسَنَ الظَّنَّ بِنَفْسِهِ وَعَقْلِهِ وَمَتْبُوعِهِ، وَأَسَاءَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمُ اغْتَرَّ بِقَوْلٍ كَانَ مَقْصُودُ قَائِلِهِ الزَّيْغَ وَالْفَسَادَ وَالْكُفْرَانَ، فَحَسِبَ -لِإِحْسَانِ الظَّنِّ بِهِ- أَنَّ مَقْصُودَهُ التَّحْقِيقُ وَالْإِيمَانُ وَالْعِرْفَانُ. وَاتَّبَعُوا السُّبُلَ الْمُضِلَّةَ فَتَفَرَّقَتْ بِهِمْ عَنْ صِرَاطِ الرَّحْمَنِ فَمِنْهُمْ مَنْ نَزَّهَهُ تَعَالَى عَنْ فَوْقِيَّتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنًا مِنْ خَلْقِهِ وَوَقَعَ فِي أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ اعْتَقَدَ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَلَمْ يُنَزِّهْهُ حَتَّى عَنِ الْأَمَاكِنِ الْخَسِيسَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ نَزَّهَهُ عَنِ الْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيَّةِ وَجَعَلَهُ هُوَ الْوُجُودُ بِأَسْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَزَّهَهُ عَنْ وُجُودِ ذَاتِهِ وَوَصَفَهُ بِالْعَدَمِ الْمَحْضِ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَزَّهَهُ عَنْ أَفْعَالِهِ وَمَشِيئَتِهِ فِرَارًا مِنْ وَصْفِهِ بِالظُّلْمِ، وَوَقَعَ فِي تَعْطِيلِهِ عَنْ قُدْرَتِهِ وَنِسْبَتِهِ إِلَى الْعَجْزِ، وَغَلَا بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ حَتَّى أَنْكَرَ عِلْمَهُ السَّابِقَ وَوَصَفَهُ بِضِدِّهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ غَلَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَدَرِ وَإِثْبَاتِهِ وَخَاصَمَ بِهِ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ فِرَارًا مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَوَقَعَ فِي أَعْظَمِ ذَلِكَ تَعْطِيلُ الشَّرِيعَةِ وَنِسْبَتُهُ تَعَالَى إِلَى الظُّلْمِ وَإِلَى تَكْلِيفِ عِبَادِهِ مَا لَا يُطَاقُ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَفَرُّوا مِنَ الْهُدَى إِلَى الضَّلَالَةِ وَمِنَ الرُّشْدِ إِلَى الْغَيِّ وَمِنَ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ وَمِنَ السُّنَّةِ إِلَى الْبِدْعَةِ وَمِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ وَضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، وَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ فَجَعَلُوا

1 / 146