معارج القبول بشرح سلم الوصول
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Penyiasat
عمر بن محمود أبو عمر
Penerbit
دار ابن القيم
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Lokasi Penerbit
الدمام
Genre-genre
اللَّهِ تَعَالَى لَمْ تَزَلْ لَهُ كَمَا لَمْ يَزَلْ بِأَيِّهَا دَعَوْتَ فَإِنَّمَا تَدْعُو اللَّهَ نَفْسَهُ. قَالَ: وَلَنْ يَدْخُلَ الْإِيمَانُ قَلْبَ رَجُلٍ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ إِلَهًا وَاحِدًا بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ وَجَمِيعِ صِفَاتِهِ لَمْ يَحْدُثْ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ كَمَا لَمْ تَزَلْ وَحْدَانِيَّتُهُ ١. انْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ﷺ: "مَنْ أَحْصَاهَا" فَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ: مَعْنَاهُ حَفِظَهَا وَأَنَّ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مُفَسِّرَةٌ لِلْأُخْرَى٢. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يَحْتَمِلُ وُجُوهًا: أَحَدُهَا أَنْ يَعُدَّهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا بِمَعْنَى أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى بَعْضِهَا فَيَدْعُوَ اللَّهَ بِهَا كُلِّهَا وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا فَيَسْتَوْجِبَ الْمَوْعُودُ عَلَيْهَا مِنَ الثَّوَابِ، وَثَانِيهَا الْمُرَادُ بِالْإِحْصَاءِ الْإِطَاقَةُ وَالْمَعْنَى مَنْ أَطَاقَ الْقِيَامَ بِحَقِّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَالْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهَا وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ مَعَانِيَهَا فَيُلْزِمَ نَفْسَهُ بِمَوَاجِبِهَا فَإِذَا قَالَ: "الرَّزَّاقُ" وَثِقَ بِالرِّزْقِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَسْمَاءِ، ثَالِثُهَا الْمُرَادُ بِهَا الْإِحَاطَةُ بِجَمِيعِ مَعَانِيهَا وَقِيلَ: أَحْصَاهَا عَمِلَ بِهَا فَإِذَا قَالَ: "الْحَكِيمُ" سَلَّمَ لِجَمِيعِ أَوَامِرِهِ وَأَقْدَارِهِ وَأَنَّهَا جَمِيعُهَا عَلَى مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ، وَإِذَا قَالَ: "الْقُدُّوسُ" اسْتَحْضَرَ كَوْنَهُ مُقَدَّسًا مُنَزَّهًا عن جميع النقائص وَاخْتَارَهُ أَبُو الْوَفَاءِ بْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: طَرِيقُ الْعَمَلِ بِهَا أَنَّ مَا كَانَ يُسَوِّغُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ كَالرَّحِيمِ وَالْكَرِيمِ فَيُمَرِّنُ الْعَبْدُ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَصِحَّ لَهُ الِاتِّصَافُ بِهَا -يَعْنِي فِيمَا يَقُومُ بِهِ- وَمَا كَانَ يَخْتَصُّ بِهِ نَفْسَهُ كَالْجَبَّارِ وَالْعَظِيمِ فَعَلَى الْعَبْدِ الْإِقْرَارُ بِهَا وَالْخُضُوعُ لَهَا وَعَدَمُ التَّحَلِّي بِصِفَةٍ مِنْهَا وَمَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْوَعْدِ يَقِفُ فِيهِ عِنْدَ الطَّمَعِ وَالرَّغْبَةِ وَمَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْوَعِيدِ يَقِفُ مِنْهُ عِنْدَ الْخَشْيَةِ وَالرَّهْبَةِ ا. هـ.٣ وَالظَّاهِرُ أَنَّ معنى حفظها وإحصائها هُوَ مَعْرِفَتُهَا وَالْقِيَامُ بِعُبُودِيَّتِهَا كَمَا أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَنْفَعُ حِفْظُ أَلْفَاظِهِ مَنْ لَا يَعْمَلُ بِهِ، بَلْ جَاءَ فِي الْمُرَّاقِ مِنَ الدِّينِ أَنَّهُمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ.
١ رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد "ص٧-١٣". ٢ رويت هذه اللفظة عند البخاري "١١/ ٢١٤" في الدعوات، باب لله مائة اسم غير واحد. ومسلم: "٤/ ٢٠٦٢/ ح٢٦٧٧" في الذكر والدعاء، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها. ٣ بلفظه من فتح الباري "١١/ ٢٢٥-٢٢٦".
1 / 125