Apa yang Mata Lihat: Cerita Pendek Mesir
ما تراه العيون: قطع قصصية مصرية
Genre-genre
لم يرزق محمد بك عبد القادر إلا بفتاة جميلة الصورة حلوة الحديث غضة العينين، كأنها نرجسة جميلة في حديقة الشعر لا يقف أمامها إلا كل شاعر كبير الخيال بديع التصوير، ولقد بلغت تلك الفتاة العشرين منذ عدة أيام، وفكر أبوها كثيرا في أمر زواجها وحادث زوجته في هذا الشأن مرارا، وعدد لها أسماء كثير من الشبان الأغنياء المتعلمين الذين يتطلعون لهذا الزواج المبارك، واتفقا على شاب وجدا فيه ضالتهما المنشودة، وحادثت الأم ابنتها عنه، فأبدت البنت نفورا من ذلك الشاب، فأخبرت الأم زوجها بما كان بينها وبين ابنتها فاستاء لتلك النتيجة، ولكنه اختار شابا آخر لم ترفضه الفتاة بل رفضت الزواج كلية. وعز على أبيها ذلك الرفض وقامت بنفسه قيامة عصيان البنت لأوامر أبيها، فهددها ما شاء وشاء تعصبه وتفانيه في حب كل عقيدة قديمة صالحة كانت أو فاسدة، وأصر على زواج ابنته بالفتى الأول، وأبلغها ذلك الحكم الصارم بشدة لم تعهدها فيه من قبل، قابلتها بالصمت والبكاء. •••
لم يرق في عين الأم أن ترى ابنتها تبكي وتنوح، وهالها أن ينبو الفراش عن جسم تلك الفتاة الخرود، وأن يطيش سهمها ويخيب رجاؤها وتقف آمالها على شفا اليأس. خلت الأم بابنتها في صبيحة يوم من الأيام بعد أن خرج والدها للقاء أحد أصحابه، وحادثتها في شأن زواجها بعد أن أقسمت لها أنها ستكون ساعدها الأقوى وعضدها أمام تعسف أبيها وظلمه، فبكت الفتاة وأنت وجثت أمام أمها تسألها الرحمة والمعونة.
علام تبكي هذه الفتاة؟ ولماذا تستعطف؟ وأي باعث يهيج في قلبها تلك النار الكامنة؟ كل فتاة تحب الزواج وتبحث عن شاب جميل وغني، والشاب الذي انتخبه لها أبوها حسن الأخلاق كريم العنصر، باذخ الشرف منيع الساحة، جميل الصورة كثير المال، فلماذا تأبى الزواج به؟ لعل في الأمر سرا آخر!
هذا ما كانت تقوله الأم لنفسها وهي تمسح دموع ابنتها، ولما هدأت الفتاة قليلا قالت لها بصوت تمازجه الشفقة والحنو: «إني أعدك يا ابنتي أن لا تتزوجي هذا الشاب، بل أعدك أن تتزوجي الشاب الذي تصبو له نفسك . فمن يكون هذا الشاب؟!»
فنكست الفتاة رأسها وابتسمت ابتسامة باحت لأمها بسرها الدفين، فقبلتها أمها وقالت: «ومن هو؟» فلازمت الفتاة الصمت وأسندت رأسها على كتف أمها، ولم تشأ الأم أن ترهق الفتاة بالأسئلة، فاكتفت بما عرفت. •••
وعاد محمد بك إلى منزله وخلت به زوجته ورجته أن يؤخر هذا الزواج المشئوم، فأصر على عناده، فلم تجد الأم بابا من أبواب الرجاء والاستعطاف إلا وولجته، ولكن البك عز عليه أن يقهر في هذا الميدان، وقد جهل أن خذلانه أكثر شرفا من انتصاره، ونظر إلى زوجته وقال: لعلها تهوى فتى تود الاقتران به.
فقالت الأم وهي غاضبة: وإذا كان الأمر كذلك، فأي ضرر يلحق بنا؟! - أي ضرر يلحق بنا! إنك تلعبين بالنار أيتها المرأة. إني أحرم على هذه الفتاة أن ترى نور السماء. سوف أعمل على سجنها وسوف تعيش راهبة ما دمت حيا.
وخرج من الغرفة وهو كالمجنون، ونادى فتاته فأتته ملبية طائعة، فابتدرها بالشتم والسباب، وكاد أن يضربها لولا وقوف زوجته في وجهه، وغادر البك المنزل وهو هائم على وجهه. •••
مضى على هذا الحادث شهران لم يحدث فيهما شيء جديد، وخيم السكون على هذا المنزل؛ فكان البك هادئا ساكنا لا يلفظ بكلمة تشير للموضوع القديم ولكن نار الغيظ كانت تتأجج في قلبه، وكانت زوجته هادئة ساكنة أيضا ولكنها كانت تتألم خفية لآلام ابنتها، أما الفتاة فكانت تبكي آناء ليلها وأطراف نهارها وتتوجع سرا دون أن تبوح لأحد بآلامها. لقد كان لها بارق من المنى كذب برقه، وعارض من الآمال أخلف ودقه، فسلام على ماضي هنائها، وسلام على رجائها وآمالها.
وفي ذات ليلة تعشى البك كعادته وشرب فنجانين من القهوة ثم دخن سيجارة، وابتدأ في صلاة العشاء ولم يفارق سجادته إلا بعد ساعتين قرأ فيهما أربعين وردا، ثم قام وتمشى في المنزل قليلا، ودخل غرفة نومه لينام، وحاول النوم ساعة من الزمان فلم يفلح، فخرج إلى الحديقة دون أن يعلم بخروجه أحد.
Halaman tidak diketahui